ثم بعد ذلك ننتقل إلى المنهج الرابع: الاندماج، الاندماج منهج يهدف إليه الغرب؛ لأنهم رأوا أن قضية الإبادة الحسية صعبة، وقد تكون مستحيلة في كثير من المناطق، فانتقلوا إلى قضية الاحتواء الشمولي، ثم الإذابة ثم الاندماج، والاندماج جعل هذه الدول الإسلامية مستذلة تماماً، بل ومندمجةً فكرياً وعقائدياً ومنهجياً ودعوياً مع الدول الغربية حتى ولو أعلنت الإسلام، حتى ولو كان الفرد منها مسلماً، لم؟ لأنني عندما أقرأ في الكتب أو في المذكرات أن الكنيسة تقول: يجب علينا أن نعلن قارة إفريقيا عام ألفين قارة نصرانية، طبعاً عام ألفين لم يبق عليه إلا سنوات قليلة: سبع أو ثمان سنوات فقط لا غير، ومع ذلك فإن النتائج ليست قوية، فهل معنى هذا: أنهم يقولون: إن جميع أفراد القارة الإفريقية لا بد أن يلتزموا بالمنهج النصراني؟ لا، هذا خطأ، إنما المنهج الذي يسيرون عليه هو أن الزعامة التي تتحكم في الناس يجب أن تكون إما نصرانية وإما مندمجة مع النصارى، تأخذ أقوالهم وتؤيد أفكارهم وتنشر غسيلهم ولا تمانع في ذلك أبداً، هذا هو الذي يريدون، وهذا المخطط نجحوا فيه الآن، وكثير من زعماء الدول الإسلامية في إفريقيا تجد أنهم ينهجون هذا المنهج، والنجاح متتابع متواصل وقوي بالنسبة لهؤلاء.
من الاندماج ما نسمع عنه في الآونة الأخيرة من صيحات متتابعة متكررة فيما يرتبط بمحاربة الرجعية- ما يسمى بالرجعية أو الأصولية أو الإرهاب أو الالتزام بالأحرى- وكل من التزم بدين الله سبحانه وتعالى وكل من أطلق لحيته وقصر ثوبه فهو متطرف، هذا ما صرح به أحد زعماء الدول الإفريقية أو بمعنى أخص الزعيم الليبي عندما قال لشعبه: إذا رأيتم رجلاً يحمل مسواكاً وله لحية وثوبه قصير فاقتلوه كائناً من كان فإن هذا متطرف، ما معنى هذا الكلام؟ معنى هذا الكلام: أن القضاء على هؤلاء الدعاة إلى الله سبحانه وتعالى منهج، وهذا المنهج اتفق عليه الأعداء مع الأصدقاء، أو بمعنى أخص المسلمون -أو ما يسمون بالمسلمين- مع اليهود والنصارى، ومثال ذلك: أحد زعماء الدول الإفريقية المشهورين أو زعيم أكبر دولة إفريقية يلتقي بزعيم أكبر دولة نصرانية ويلتقي معه في أوربا -طبعاً هو ليس أوربي- يلتقي به ويتفقان سوياً على محاربة التطرف، طبعاً هذا يدعي أنه مسلم أو يحكم دولة إسلامية، لكن الآخر ما الذي يعنيه؟ القضية قضية اندماج في محاربة الإسلام، وهذا ما يهدف إليه الغرب.