للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الطور الأول العصر الوزيري الأول]

سمي بالعصر الويدي الأول نسبة إلى كتاب الويدا الذي هو الكتاب المقدس الأول عند هؤلاء، ومبدأ هذا العصر من سنة ١٥٠٠ قبل الميلاد، وهذه البداية بدأت أولاً عند دخول الآريين إلى الهند، ثم الاندماج الآري الهندي، ثم بعد ذلك بدء كتابة القواعد والقوانين العقائدية التي كان الهدف الظاهر منها هو تأصيل الديانة وكتابتها، أما الهدف الباطن منها فهو إضفاء الحقوق وحصرها في الآريين، حتى لا تختلط مع حقوق الهنود السمر الذين هم الهنود الأصليون، فكانت البداية بهذه الصورة، وفي هذا العصر اخترعت آلهة جديدة غير الآلهة الموجودة عند الهنود والموجودة عند الآريين، فجاءونا بأسماء آلهة: الإله أغنى، والإله أندرو والإله رودرا، وآلهة كثيرة جداً بالعشرات، وكل إله يمثل منهجاً، ولذلك وجد الهنود في آخر آمرهم أن لكل حركة أو سكنة تعمل مهما قلت إله، ولذلك وصل عدد الآلهة إلى أكثر من أربعمائة مليون إله، كل إله يختلف عن الإله الثاني في الهند، هذا إله النصر، هذا إله الحب، هذا إله العداوة، هذا إله الحكمة، هذا إله الصبر، هذا إله الكتابة، وهذا إله القراءة، هذا إله كذا، فأي حركة أو سكنة في هذا الوجود يجعلون لها إلهاً، ففي العصر الويدي الأول بدأت هذه الفكرة، ولم تنته إلا قبل عصر دخول الإسلام، فبدأ هؤلاء الهنود يجعلون لكل حركة من حركاتهم إلهاً يمثل هذه الحركة، حتى الحركات البسيطة التافهة تجد أن لها إلهاً كذلك، مثلاً: إله الأكل، إله الشرب، إله النكاح، إله الغسل، إله تقليم الأظافر، وإله القيء، فمثلاً: إنسان أصيب بداء القيء فإنه لا يذهب إلى إله الحكمة ولا إلى إله النار، بل يذهب إلى إله القيء، ويطلب منه أن يشفيه من هذا القيء الذي أصابه، إذاً: جعلوا لكل حركة إلهاً وجعلوا لها أسماء، ولذلك يقولون: إنه لا يوجد الآن إمكانية لحصر هذه الأسماء، ومعلوم الآلهة كانت تنشأ أول الأمر بشكل كبير، يعني: الصنم يكون ضخماً جداً وله معنى، ولكن وجد الناس أن الإنسان إذا أصيب بقيء معين من الصعوبة أن يذهب إلى القرية الفلانية لزيارة هذا الصنم وطلب الشفاء من هذا المرض، فماذا فعلوا؟ قالوا: يمكن للأسرة أن تعمل صنماً بدائياً صغيراً يمثل هذا الإله، فصارت كل أسرة حسب حاجاتها تجعل هناك أصناماً، ولذلك تجد عند الهندوس أحياناً دالوباً كبيراً جداً فيه عشرون أو ثلاثون أو أربعون صنماً، وكل واحد مخصص لعملية معينة، فلو افترضنا أن الرجل أصيب بأمر معين ولا يوجد الإله المخصص له في هذا الدالوب، فإنه مباشرة إن كان غنياً أو عنده قليل من المال ذهب إلى السوق واشترى إلهاً صنماً إما من الخشب وإما من البلاستيك، وإما من الخرق أو غير ذلك، ويكتب عليه مباشرة أنه إله الشيء الفلاني ويضعه في الدالوب، وبذلك يكون قد حدد إلهه فطلب منه أن يشفيه من هذا المرض.

إذاً: اشتراه ثم سماه؛ لأنه كان مجهولاً أولاً، فتجده يشتري وصلة واحدة من بلاستيك مثلاً ويصنع عشرات الآلاف من هذه الوصلة، فيأخذ الإله ويجعل له اسماً، إله كذا وكذا، ثم يضعه في الدالوب، فإذا احتاج إليه توجه له في طاعة أو في حروب أو في غير ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>