للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[اعتقاد الشيعة في تفسير القرآن]

للشيعة في تفسير القرآن عدة نقاط منها: أن للقرآن معاني باطنة تخالف الظاهر، وهذا يفهم منه أن الرافضة الإمامية باطنيون؛ لأنهم يجعلون للقرآن ظاهراً وباطناً كالباطنية، وهذا يدل على أن الشيعة يدخلون مع الباطنية في مسألة تأويل القرآن؛ لأنهم يقولون: إن للقرآن ظاهراً وباطناً، ففي (بحار الأنوار) في عدة مواضع من هذا الكتاب: باب أن القرآن له ظهر وبطن.

وفي أشهر كتبهم وأعظم كتبهم وهو (الكافي)، الذي هو بمنزلة البخاري عند أهل السنة، كما ذكر ذلك أكثر العلماء، لكن أنا أقول: لا، إن هذا التوجيه ليس بصحيح، فإن (الكافي) عند الشيعة بمنزلة القرآن عندنا، بل إن (الكافي) بالنسبة للشيعة مقدم على القرآن، ومقدم على أي كتاب آخر.

يقول الكليني في (الكافي) الجزء الأول صفحة (٣٧٤): سألت عبداً صالحاً عن قول الله عز وجل: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} [الأعراف:٣٣]، فقال العبد الصالح: إن القرآن له ظهر وبطن، فجميع ما حرم الله في القرآن هو الظاهر، والباطن من ذلك أئمة الجور، وجميع ما أحل الله في الكتاب هو الظاهر، والباطن من ذلك أئمة الحق.

يعني: أنهم يفسرون القرآن بهذه الكيفية وبهذه الصورة، وتفاسير الشيعة هي بهذه الكيفية.

النقطة الثانية في مسألة تأويل القرآن: أنهم قالوا: إن جل القرآن نزل فيهم وفي أعدائهم.

يعني: أن غالب القرآن نزل في الشيعة وفي أعدائهم.

يقول الكليني صاحب (الكافي) في الجزء الثاني في صفحة (٣٢٤): نزل القرآن أثلاثاً: ثلثاً فينا وفي أعدائنا، وثلثاً سنناً وأمثالاً، وثلثاً فرائض وأحكاماً.

ويقولون: إن ما نزل فينا وفي أعدائنا قد حرفه أهل السنة، وبالتالي يحاولون أن يعيدوا لهذا التحريف أصله، وهذا التحريف ذكره بعض الكتاب ومن أبرزهم الكليني في كتابه (الكافي) فقد ذكر عدداً كبيراً من الآيات، فمثلاً: {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ * لِلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ} [المعارج:١ - ٢]، يقول: (سأل سائل بولاية علي ليس له دافع)، وهكذا أمثلة كثيرة سأذكر لكم نماذج منها: فهم يقولون: إن هذا القرآن قد حذف منه ما يتعلق بنا وما يتعلق بأعدائنا.

ففي سورة تبت يقول تعالى: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} [المسد:١] وهم يقولون: أصل السورة: (تبت يدا أبي بكر وتب)، (تبت يدا عمر وتب)، (تبت يدا عثمان وتب)، (تبت يدا عائشة وتبت) إلى أن يذكروا سبعين اسماً من الصحابة الذين يكرهونهم.

ويقولون في قوله تعالى: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ * وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ * الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ} [الشرح:١ - ٣]، يقولون: (وجعلنا علياً صهرك) يقولون: وهذه كذلك حذفت.

ويقولون في قوله تعالى: {وَقَالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [النحل:٥١]، أن أصلها: (لا تتخذوا إمامين اثنين إنما هو إمام واحد) يقولون: هكذا الآية نزلت.

وكذلك قول الله سبحانه وتعالى: {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ} [الحشر:١٦]، يقولون: أصل الآية: (كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر بـ عمر) فحذفت بـ عمر.

كذلك قوله تعالى: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ} [آل عمران:١٢٣]، يقولون: إن أصلها: (ولقد نصركم الله ببدر بسيف علي وأنتم أذلة) إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة جداً، حتى إنهم قالوا: إن أي آية فيها: (يا أيها الذين آمنوا) فإن المقصود بها علي بن أبي طالب أولاً، ثم يليه بقية المؤمنين، فرد عليهم شيخ الإسلام رداً لطيفاً فقال: هناك آيات فيها عتاب للمؤمنين: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ} [الصف:٢]، فهل يكون علي في رأس هذه الآية؟! إذاً: هم يقولون: إن جل القرآن نزل فيهم وفي أعدائهم، وقد حذف وحرف، فقام محمد الحسين النوري الطبرسي صاحب كتاب: (فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب) بجمع مجموعة كبيرة من الروايات وجعلها في كتاب له، وهذا الكتاب عندي نسخة منه، وفيه أكثر من (١٥٠٠) رواية، وكلها عبارة عن آيات أدخل فيها شيء يتعلق بآل البيت أو أعداء آل البيت.

فهذه عقبة من العقبات التي تجعل الشيعة لا يهتمون بالقرآن الكريم.

النقطة التي تليها في هذا الجانب هي: ما هو البديل بالنسبة للشيعة فيما يرتبط بهذا القرآن؟ ما هو البديل عن هذا القرآن الذي فيه مجموعة كبيرة من العيوب التي اخترعوها وأصلوها؛ ليبعدوا الناس عن كتاب الله؟ قد عرفنا أن كثيراً من الكتاب يرجعون مناهج الشيعة وجذورها إلى اليهود، وبعضهم يرجع مناهج الشيعة وجذورها إلى المجوس، وكلا الرأيين صحيح، فهؤلاء المجوس أرادوا أن يجعلوا من ينتسب إلى التشيع بعيدين عن القرآن، فكيف يبعدونهم عن القرآن بهذه العقبات؟ يأتيك شيعي ويقول: نعم، هذه العقبات أظهرت لنا كتاباً محرفاً ناقصاً مشوهاً، وهناك بديل وهو مصحف فاطمة الذي قال عنه الكليني في (الكافي): إن عندنا مصحف فاطمة مثل قرآنكم ثلاث مرات، وليس فيه من قرآنكم حرف واحد.

ومصحف فاطمة عبارة عن كتابة كتبها علي بن أبي طالب على مدار ستة أشهر، وكان جبريل عليه السلام ينزل على فاطمة في كل يوم بعد وفاة والدها صلى الله عليه وسلم؛ ليسليها، فكان علي بن أبي طالب يجلس خلف الجدار ويكتب كل ما يقول جبريل، ثم بعد أن توفيت فاطمة جمع هذا الكتاب ونسخه في كتاب مستقل، ثم عرضه على الصحابة، ومنهم أبو بكر وعمر وكلهم يقولون: لا حاجة لنا به، وهذا الكتاب كما قالوا: إنه مثل قرآنكم ثلاث مرات، وليس فيه من قرآنكم حرف واحد، ولذلك يقول صاحب الكافي: قال أبو عبد الله -أي: جعفر الصادق -: إن القرآن الذي أتى به جبريل سبعة عشر ألف آية.

والقرآن الموجود ستة آلاف آية وقليل، ومصحف فاطمة سبعة عشر ألف آية، يعني: أنه قريب من ثلاثة أضعاف القرآن الموجود لدينا، ومصحف فاطمة بعد أن جاء به علي إلى أبي بكر وقال: لا حاجة لنا به؛ لأنه فتح الكتاب وإذا فيه: (تبت يدا أبي بكر وتب) إلى آخر ذلك، فأغلقه وقال: لا حاجة لنا به.

وهذا حسب زعم الشيعة، والغريب أنه لم يمزقه.

ثم جاء به علي إلى عمر، ثم إلى عثمان، ثم بعد أن تولى علي الخلافة لم يكن هناك مجال لإظهاره؛ خوفاً من اعتراض الآخرين، ثم تناقله الأئمة من بعده الحسن ثم الحسين ثم علي زين العابدين ثم أخذه المهدي المنتظر الطفل الصغير الذي عمره خمس سنوات، واختفى به في سرداب سامراء، وسيخرج في آخر الزمان ومعه هذا المصحف.

والشيعة يرون قصوراً في أنفسهم؛ لأنهم لا يعرفون عن مصحف فاطمة شيئاً، حتى يلتزموا به، فاخترع لهم أحبارهم ورهبانهم منهجاً وطريقة في إبعادهم عن القرآن وربطهم بمصحف فاطمة، فقالوا: اسمعوا وانتبهوا إن أي شيعي يموت فإن الله يوكل بقبره ملكاً، وظيفة هذا الملك أنه يحفظه مصحف فاطمة، ففرح الشيعة بهذا وقالوا: في الدنيا ممكن أن نقرأ هذا المصحف الموجود حالياً ولو أنه محرف، وفي البرزخ والقبر نحفظ مصحف فاطمة، فعلى هذا يكون نوراً على نور وليس هناك إشكال، فخشي هؤلاء الأحبار والرهبان أن يتحقق هذا الهدف فعلاً، فقالوا: لا، إن من حفظ شيئاً من مصحف العامة، فإنه سيفقد ما يعادله من مصحف فاطمة في قبره، ولذلك يقولون: إن الشيعي إذا مات جاءه الملك وقال له: كم تحفظ من مصحف العامة؟ فإن قال: أحفظ سورة البقرة مثلاً، فيخصم عليك بمقدارها من مصحف فاطمة؛ لأنه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات، فتجد أن الشيعي يحاول قدر جهده ألا يحفظ من القرآن شيئاً أبداً، إلا شيئاً يسيراً سمح له بحفظه وهي سور خاصة بالصلاة، خمس، عشر، عشرين سورة من قصار السور، من جزء عم فقط لا غير، هذا هو الذي أذن به لهم، حتى لا يكون هناك نوع من النكرة الكاملة من هذا الدين الذي كله متغيرات، فربطوه بعدد قليل من السور، وعدد قليل من الآيات، سواء كانت آية الكرسي أو بعضاً من الآيات في كتاب الله تعالى، وهذه السور تطبع في نفس كتب الأدعية، ليس هناك طبعة مستقلة للقرآن الكريم عند الشيعة، وإنما يأتون بكتاب مستقل وهو كتاب أدعية، ثم يطبعون في نهايته عدد ثلاث أو أربع أو عشر سور أو عشرين سورة، وهذه يسمونها سور الصلاة، وعلى رأسها سورة الفاتحة والمعوذات وبعض السور الأخرى.

هذه الأمور المتعلقة بالقرآن الكريم.

إذاً: نعرف من هذا أن موقف الشيعة من القرآن الكريم موقف الرافض والراد لكتاب الله سبحانه وتعالى.

لكن قد يسأل سائل ويقول: أنا أذهب مكة وأدخل الحرم وأرى هؤلاء الشيعة يقرءون القرآن، أرى كثيراً من شيعة القطيف وشيعة قطر وشيعة الكويت وغير ذلك، يجلس أحدهم نصف ساعة أو ساعة يقرأ كتاب الله سبحانه وتعالى، فما معنى هذا؟ يقول بعض العلماء تجاه هذه القضية: إن الشيعة يطبقون أثناء قراءتهم لكتاب الله سبحانه وتعالى مبدأ التقية، فالشيعي يتعبد الله سبحانه وتعالى لا لقراءته للقرآن الكريم، لكن بإظهار التقية؛ لأن التقية عندهم عبادة لها أجر عظيم ليس باليسير، ففي نصوص كثيرة عندهم: أن التقية تسعة أعشار الدين، وهي:

<<  <  ج: ص:  >  >>