وهذا أيها الأحبة يقودني إلى قصة حصلت لي أنا شخصياً حقيقة، والدنيا دروس وتجارب، وأفضل شيء في هذه الحياة أن ينقل الإنسان تجاربه ودروسه للآخرين.
في أحد الأيام اتصل بي أحد الإخوة من الأساتذة عندنا في الكلية، فقال لي: إن فلان بن فلان يعيش أزمة مالية عجيبة، وهذا الرجل أعرفه، وهو رجل من أفريقيا، لكنه متميز بالتقى والصلاح والتدين وهو خريج من الجامعة الإسلامية.
يقول: إنه يحتاج إلى تسعة آلاف ريال؛ لأن إيجار البيت انتهى، وصاحب البيت يطالبه الآن بالإيجار أو يخرج، قلت: والله لا أملك شيئاً الآن، فلو أخبرتني قبل أسبوع، إذ كان عندي بعض الزكوات، ومن الممكن أن أعطيك إياها، لكن الآن والله لا أملك شيئاً.
وضعت السماعة، تصوروا يا إخوة ما إن وضعت السماعة إلا وجرس الباب يدق في نفس اللحظة، رفعت سماعة جرس الباب وسماعة التلفون في يدي الأخرى، قلت: نعم؟ قال: أنا فلان بن فلان، لكنني لا أعرفه، قال: معي كل خير إن شاء الله، وضعت السماعة ونزلت إليه وسلمت عليه، قال: أنا فلان، مرسل لك من فلان، يقول: هذا مبلغ تسعة آلاف ريال، هي زكاة له يقول: ضعها فيما شئت، قلت: أعطاني حرية في التصرف؟ قال: نعم، وفي نفس اللحظة اتصلت بهذا الرجل، قلت: بشر صاحبك أن الله أعطاه رزقه من السماء، أتذكر هذا الرجل المعسر وأنا أنتظر الأخ ليأخذ المبلغ ويعطيه إياه، هذا الطالب أرى فيه سيما الصلاح وقيام الليل وصيام الإثنين والخميس، أرى فيه التقى والورع وحب الخير والفضل، وحب دعم الخير، أتصور هذا فيه بشكل متتابع، وهو يجيد عدة لغات: الإنجليزية والفرنسية والعربية وعدة لغات أفريقية، ومع ذلك رفض أن يعمل في عدة سفارات طالبت به، لماذا؟ لأنه يرى أن العيش في هذه المناطق قد يكون موبوءاً، فرضي بمبلغ يسير في أماكن مأمونة موثوقة.