[قصة امرأة أمريكية تحض زوجها على الجهاد في سبيل الله]
القصة الثانية: هذه امرأة أمريكية لاحظ أن القصة الأولى كانت متعلقة بامرأة بريطانية، أما القصة الثانية فمتعلقة بأمريكية، والثالثة: بامرأة أخرى أشير إليها في وقتها، لكنها ليست عربية، وهذه الجنسيات المختلفة تنتمي لدول تعلن الحرب صراحة على الإسلام والمسلمين، وهذه تعطيك دلالات على أن الله ناصر دينه، وعلى أن الله معز كلمته ولو كره الكافرون، ولو كره المجرمون، ولو كره المشركون:{يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}[التوبة:٣٢].
فيا أيها الحاقدون رويدكم، فالله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
أيها الأحبة! هذه المرأة الأمريكية كانت تعيش في أمريكا مع زوجها وأبنائها، أسلم هذا الزوج واقتنع فنشر الإسلام في أسرته، فأسلمت هذه المرأة عن قناعة وعن يقين وعن حب، فأخلصت في إسلامها، وحصل أن قدم هذا الزوج إلى دولة خليجية، وعندما وصل إلى هذه الدولة كان متخصصاً في علم متميز، وكان يعطى راتباً جزلاً ضخماً كبيراً، ولكنه وجد مجال العمل غير إسلامي، فطلب نقل كفالته إلى شركة أخرى، فأعطته نصف المرتب، واشترطت عليه شروطاً من أبرزها أن يحلق لحيته.
والشرط الثاني: أن يلبس البدلة الإفرنجية، فقال لهم: أما حلق اللحية فلا يمكن أبداً أن أفعل ذلك، أما لبس البدلة الإفرنجية فدعوني أسأل الشيخ عبد العزيز بن باز -كان في حياته رحمه الله- فإن أفتاني بجواز ذلك لبستها وإلا فلا، قالوا: نحن شروطنا متكاملة ولا نريدك أن تنفذ شرطاً وتترك شرطاً، فتركهم ثم ذهب إلى شركة أخرى فوافقت على توظيفه لكن بربع المرتب الذي قدم به، ولكن تحققت في هذه الشركة الشروط التي يريد، فبدأ يعمل في هذه الشركة وينفق على هذه الأسرة، ويمارس الجوانب الدعوية المتعددة التي يتطلبها إسلامه من طلب العلم، والقراءة في القضايا الشرعية، وتعليم الأولاد، وتعليم الزوجة، قد يقول قائل: ما موضع الشاهد في هذه القضية؟ موضع الشاهد هو زوجة هذا الرجل، فقد كانت امرأة عجيبة، فهي عندما حصلت مشكلة كوسوفو وقام الصرب الأرثوذكس بمهاجمة المسلمين، ولو خرجنا قليلاً أيها الأحبة فالأرثوذكس يتميزون على مدار زمن الدولة الإسلامية منذ نشأتها إلى الآن بأنهم أشد الناس عداءً للإسلام؛ لأن النصارى فرق متعددة: الأرثوذكس والكاثوليك إلى آخره، هؤلاء تميزوا بحرب الإسلام، بل لديهم قواعد في دينهم تدعو إلى محاربة المسلمين، ولذلك من تتبع التاريخ الإسلامي لوجد أن الذين حاربوا الإسلام في المقدمة على مدار تاريخه هم الأرثوذكس، وتتلوهم بقية الفرق النصرانية مع فارق مميز، ولذلك هم الذين حاربوا المسلمين في مؤتة وفي تبوك، وفي مؤتة، وفي وقت الخلافة الراشدة في اليرموك وفي بيسان، وبعد ذلك في عين جالوت كلهم من النصارى الأرثوذكس.
كذلك في عهد الدولة الأموية انحسر النصارى شيئاً فشيئاً إلى تركيا في عمورية وفي غيرها، وفي وقت الخلافة العباسية، وعندما قامت الدولة العثمانية كانت الحرب بين الدولة العثمانية والروس الأرثوذكس.
إذاً: حرب الأرثوذكس ضد الإسلام قوية ومستمرة، وهذه نقطة اجعلها في ذهنك؛ لأنهم وإلى الآن يحاربوننا في الشيشان وفي كوسوفا وفي البانيا وفي البوسنة والهرسك.
نعود إلى القصة ونقول: عندما حصلت المعارك الطاحنة في كوسوفا، قالت المرأة الأمريكية لزوجها: لماذا لا تذهب وتجاهد وأنت تعرف أن الجهاد ذروة سنام الإسلام؟ أقول: الأصل أن المرأة تتمسك بزوجها أكثر فأكثر، خاصة إذا كانت تعيش غربة متعددة: من غربة الوطن، وغربة الدين، وغربة أخرى متعلقة بالجنسية، فهي لا تتكلم العربية، عندها غربة في اللغة، وربما غربة الكراهية؛ لأنها من جنسية أمريكية، فهل هذه المرأة نظرت إلى هذه الجوانب؟ لا، بل قالت لزوجها: لماذا لا تجاهد؟ لماذا لا تسعى لتكون شهيداً في سبيل الله؟ ما فكرت المرأة بأن وراعي أبنائها سيموت، لا، وإنما فكرت في أن يجاهد، يقول: أنا كنت خائفاً، فقد كنت أنظر إلى أولادي الصغار فأخاف، وأنظر إلى غربة زوجتي وأولادي فأخاف، يقول الزوج: لكن المرأة نظرت من منظار آخر، هذا المنظار هو أن اسمي قبل الإسلام جورج فصار اسمي عبد الله، قال: فلما ترددت وخفت صارت تسميه: يا جبان، تعال يا جبان، اذهب يا جبان، ادخل يا جبان، كل يا جبان، لماذا؟ لأن المسلمين يقتلون في كل مكان وأنت جالس لماذا؟ اذهب فجاهد، يقول: والله صارت هذه الكلمات كخناجر تطعن في قلبي ليل نهار، بل وحفرت حفراً في فؤادي جعلتني أفكر فعلاً في نسيان كل شيء إلا الجهاد، فكانت النتيجة أن ذهبت إلى هناك وجاهدت ولم يكتب الله سبحانه وتعالى لي الشهادة فرجعت، وبعد أن رجعت وكان هذا الأمر على بدايات الحرب في الشيشان، فقالت لي: استعد وجهز نفسك وأعد العدة لتذهب وتجاهد في الشيشان، انظر إلى هذه المرأة، هل يا ترى هناك امرأة تنهج هذا المنهج؟ أنا لا أقول هذه المرأة امرأة أحد الصحابة أو التابعين، أو الأئمة الأعلام، أو أنها نشأت في جيل إسلامي وفي مجتمع إسلامي، لا، بل هي حديثة عهد بالإسلام، بل ولا تعرف من اللغة العربية إلا بضع كلمات تعد على الأصابع، كما ذكر لي ذلك زوجها، بل وحتى زوجها لا يتكلم من العربية شيئاً، ومع ذلك انظر إلى هذا المنهج، فهذه المرأة وتلكم المرأة الأولى الإنجليزية، هذه أمريكية وتلك إنجليزية، يقول شخص يحدثني عنهن: كن إذا خرجن إلى السوق فإنك لا تكاد ترى منهن شيئاً أبداً، يقول: نساء البلد الملتزمات ربما ترى أطراف العيون أو شيئاً من العين، أما هذه المرأة الأمريكية فهي تلبس حجاباً كاملاً يغطيها من القمة إلى القاع، ولا يظهر منها شيء، أليس في هذا درس وعبرة لمن وعى ولمن فقه؟!