من خلال معاشرتي للشيعة في إحدى مدارس المنطقة الشرقية، ومن خلال المناقشة بيني وبين أحدهم تبين لي أنهم يقولون: إن عبد الله بن سبأ شخصية أسطورية، وذكروا أن ذلك موجود في كتاب قد ألفه أحد الأشخاص المنتسبين إلى أهل السنة، أرجو الإفادة حول هذه النقطة؟
الجواب
نعم، يحاول الشيعة أن يتبرءوا من عبد الله بن سبأ؛ لأنه ثبت ثبوتاً قطعياً أن هذا الرجل يهودي، هذه النقطة الأولى.
الثانية: أن كثيراً مما طرحه عبد الله بن سبأ أخذ به الشيعة جملة وتفصيلاً.
وهذا يبين أن الجذور الأجنبية للشيعة نزعت من الجذور المجوسية واليهودية، وبالتالي فهذا فيه ملمز ومغمز بين وواضح لهذه الطائفة؛ لذلك فهم يحاولون افتعال أن عبد الله بن سبأ شخصية أسطورية وليس لها وجود وذكر، وبعض المؤلفين سواء كان من الشيعة ومن أهل السنة فقد وصل ببعض هؤلاء المؤلفين إلى أن عبد الله بن سبأ هو عمار بن ياسر، وقرر ذلك وأدخله ونشره في كتبه، وقرأت ذلك في كتاب (الصلة بين التصوف والتشيع) للشيبي وهو عبارة عن رسالة ماجستير لهذا المؤلف وهو شيعي، وهذا المنهج الذي سار عليه الشيبي هو نوع من التبرير لإثبات شخصية عبد الله بن سبأ إثباتاً مقبولاً عند أهل السنة وعند غيرهم.
أما قضية أن أحد الأشخاص المنتسبين إلى أهل السنة ألف في ذلك وذكر أنه شخصية أسطورية فهذا ليس بحجة، فمثلاً: لو جاءك إنسان وقال لك: إن الغزالي أو محمد عمارة أو فهمي هويدي أو فلان من هؤلاء ألف كتاباً يتهم فيه فلاناً فهل تأخذ بقوله على أنه صواب؟ نقول: قد ينتسب هؤلاء إلى أهل السنة لكنهم منحرفون عن المنهج أو أخطئوا الطريق، وقد يأتيك إنسان ويستشهد بمقولة لأناس معروفين لـ حسن البناء أو للترابي أو للمودودي أو للشعراوي لأناس معروفين ينتسبون إلى أهل السنة، نقول: لا، نحن لا ننظر إلى الرجال كرجال، فكل هؤلاء ليسوا بمعصومين، بل تقع منهم الأخطاء وتقع منهم التجاوزات المخالفة للصواب والمجانبة للحق، لكن نقول: إن هؤلاء لهم جهودهم ولهم نشاطهم ولهم أخطاؤهم فلا تحتج بأخطائهم على منهج.
كذلك لعل هذا يجرني إلى تذكر ما روي عن ابن حزم أنه اتفق مع النصارى ليناظرهم في مسألة تحريف الإنجيل والتوراة فواعدوه في وقت معين، وجاءوا له بعد هذا الوقت المحدد بمجموعة كبيرة من الكتب فقالوا له: أنت تتهمنا بأننا حرفنا التوراة وحرفنا الإنجيل وأنهما قد حرفا تماماً، أو الغالبية العظمى من النصوص قد حرفت، فنحن كذلك نجابهك بمثل كلامك، فهذا كتاب يقول: إن القرآن محرف، وهذا كتاب يقول: إن هذه الآية هي كذا، وهذا كتاب يقول كذا، فقال: من قال بذلك؟ قالوا: قال به الشيعة، قال لهم ابن حزم: الشيعة ليسوا بمسلمين أبداً بأي حال من الأحوال، فلا تناقشونا فيهم ولا تستشهدون بهم.
فأقول: إن استشهاد هذا الشيعي بقول أحد ممن ينتسب إلى أهل السنة في أن عبد الله بن سبأ شخصية أسطورية لا يلزم منه صحة كلامه ولا يسلم له بذلك؛ لأن الحقائق تنفي هذا الكلام وتلغيه، ولعلي أشير إلى كتاب للشيخ سليمان بن حمد العودة عميد كلية العلوم الاجتماعية في القصيم، له رسالة ماجستير عن عبد الله بن سبأ، وهي رسالة لطيفة وقوية، وفيها تحقيق واضح وحصر للأقوال التي ذكرت وقيلت عن عبد الله بن سبأ، ارجعوا إليها وهي موجودة في الأسواق وطبعتها مطبعة دار طيبة، اطلعوا عليها فلعل فيها خيراً كثيراً إن شاء الله.