[أهمية استخدام برامج المحادثة في الدعوة إلى الله عز وجل]
ثانياً: أنتقل إلى قضية برامج المحادثة: برامج المحادثة هي: البرامج الصوتية، وهي كثيرة جداً، وتستغل الآن على نطاق فردي وجماعي، أما على النطاق الفردي فعن طريق استغلالها في الخدمات الخاصة، كأن يكون لك أخ أو قريب في دولة من الدول، فلو اتصلت به هاتفياً فإن ذلك مكلف من الناحية المادية، فأنا أطلب منه أن يدخل في هذا البرنامج ويسجل وأنا أسجل في هذا البرنامج، ثم نلتقي في غرفه خاصة ونبدأ نتحدث بتكلفة زهيدة جداً.
أما على المستوى الجماعي: فإن هناك الكثير من برامج المحادثة، ومنها برنامج اسمه (البالتوك) وهو برنامج أمريكي وتقوم عليه شركة أمريكية يهودية، وأهل السنة بالذات استغلوا هذا البرنامج أيما استغلال للدعوة إلى الله سبحانه وتعالى.
فماذا يعني هذا البرنامج الذي يسمى بالبالتوك؟ أولاً: هذا البرنامج يدخله أشخاص كثيرون؛ فقد يتجاوز ١٢٠ إلى ١٤٠ ألف شخص في اللحظة الواحدة من جميع أرجاء العالم.
فالإخوة عندما دخلوا في هذا البرنامج استغلوه استغلالاً عجيباً جداً، فإن فيه مواقع يسمونها مجموعات خاصة، إما خاصة بالهند وباكستان أو خاصة بالشرق بالفلبين واليابان أو البرتغال وأسبانيا أو خاصة بالإنجليز أو خاصة بالفرنسيين أو خاصة بالعرب، والعرب لهم غرف كثيرة لفرق متعددة، فالأحباش لهم مواقع، والشيعة لهم مواقع، والنصارى العرب لهم مواقع وهكذا، وأيضاً أهل السنة لهم مواقع.
فأهل السنة عندما دخلوا في هذه المواقع بدءوا يستغلونها، فأهل السنة خلال أربع وعشرين ساعة تقريباً يتواجدون في هذا البرنامج ويقدمون عطاءات عجيبة جداً، فيتواجدون فيه دائماً؛ لأنهم يدخلون من نيوزلندا إلى أمريكا إلى غيرها من بلدان العالم، ولذلك لا ينقطع العطاء بأي صورة من الصور.
ومثال ذلك: الدورات العلمية، فإنها تنقل حية على الهواء فمثلاً: تقام دورة شيخ الإسلام ابن تيمية في مسجد شيخ الإسلام ابن تيمية، فأسمعها وأنا موجود في نيوزلندا أو الأرجنتين أو في أي مكان آخر، فالإخوة جعلوا المسألة بسيطة فنقلوا الدورة حية على الهواء تسمعها واضحة صافية بل ربما أصفى ممن يحضرها في المسجد؛ لأن السماعة ستكون عند الملقي مباشرة.
والأطرف من ذلك أن الإخوة في كثير من بلاد العالم صاروا يقيمون الدورات في الدول الأجنبية، فمثلاً: في النمسا يجمعون الرجال في مصلى والنساء في مصلى آخر ثم بعد ذلك يفتحون الجهاز على الدورة العلمية ويحاضر فيها أو يدرس الشيخ عبد الله بن جبرين جزاه الله خيراً أو الشيخ عبد العزيز الراجحي أو فلان من الناس، وإذا بالرجال في النمسا يجتمعون إلى شرح أو محاضرة هؤلاء العلماء وكأنهم معهم في ذلك المسجد، والنساء يستمعن وكأنهن في المسجد كذلك.
أليس هذا أمراً دعوياً عجيباً جداً؟! أقول نعم، فهذه صورة من الصور.
وصورة أخرى: هناك محاضرات عامة تقام كل ليلتين أو ثلاث ليال لمدة ساعتين، ويكون فيها إجابات عن الأسئلة وأخذ وعطاء، حتى أني مرة من المرات قمت بمحاضرة، وبعد أن انتهيت كتب لي واحد رسالة، وقال في هذه الرسالة: أنا أعيش في شمال السويد في منقطة ثلجية والنهار عندنا ثلاث ساعات، والليل واحد وعشرون ساعة، ولا يصلنا من البث الإسلامي شيء أبداً وليس لي مجال لتلقي العلم الشرعي إلا الإنترنت وبالذات البالتوك، فالرجاء لا تقطعوني! وهناك دروس ثابتة ومتواصلة ومتتابعة في كل ليلة، فهذا درس في الفقه وهذا درس في السيرة ودرس في السنن ودرس في العقيدة وغيرها، ويستمع إليها أناس من جميع أرجاء العالم.
وهكذا الخطب، فمثلاً: خطب الحرمين يستمع إليها أي إنسان في أي مكان في العالم، وهناك بعض الخطباء تتمنى أن تستمع إليه، ولا تستطيع أن تستمع إليه إلا بعد فترة من الزمن عن طريق الشريط، لكن الآن بدأ الإخوة ينقلون بعض الخطب مباشرة على الهواء إلى جميع أرجاء الأرض في نفس اللحظة، ففي نفس اللحظة تستمع إلى خطبة فلان من الناس وتستطيع أن تنقل هذه الخطبة وتسجلها إلى آخر ذلك.
وهناك المناقشات والعروض العلمية، فهنالك أشخاص يقيمون مناظرات مع الشيعة أو مع الأحباش أو مع النصارى، أو مع أي منحرف، وتكون هناك ردود فعل تثمر عن دخول عدد من الأشخاص في دين الله أو تصحيح المفاهيم الخاطئة.
ومن الأشياء التي تعمل في هذا البرنامج أحياناً: عندما تفتتح مجموعات العرب تجد مجموعة من الفساق يفتحون غرفاً فاسدة ويتحدثون فيها بالفساد، فتجد شخصاً من الأشخاص الصالحين يدخل هذه الغرف ثم يبدأ في المناصحة.
فمثلاً: ألقيت في يوم من الأيام كلمة على مجموعة من الأشخاص ٦٠ أو ٧٠ شخصاً كلهم من جميع أرجاء الكرة الأرضية، وفجأة وإذا بأحد المعروفين لدي معرفة قوية جداً يدعوني للدخول في غرفة أخرى، والدعوة هنا لا بد أن يكتب فيها اسم الغرفة، وكان اسم تلك الغرفة غاية في السوء، فقلت: ليس من المعقول أن يدعوني هذا الإنسان الملتزم الصالح إلى هذه الغرفة الفاسدة بشكل بين، فرفضت الدعوة واستمريت في كلامي مع الإخوة، وإذا بصاحبي يكرر الدعوة مرتين وثلاثاً وأربع، فلما رأيت الإصرار منه علمت أن هناك أمراً ما، وإذا به يخاطبني بهاتف وهو في الرياض ويقول: يا شيخ! هذه الغرفة افتتحتها امرأة واجتمع فيها ما يقارب من ٨٠ أو ٩٠ شخصاً وبدءوا يتكلمون ويضحكون في كل شيء إلا الخير، يقول: فدخلت هذه الغرفة وعلمت أن المسئولة عن هذه الغرفة امرأة فنصحتها وذكرتها بالله، وبالقبر ونعيمه وعقابه، وبالجنة والنار، وكان ذلك على انفراد، فبكت وقالت: سأخرج من هذه الغرفة وخذ رقم الغرفة السري وادخل أنت وكن أنت المسئول عن ذلك، فدخلت هذه الغرفة وبدأت أناصحهم وضيقت الموضوع إلى هم الشاب، والذي يهتم به الشاب العربي، وبدأ الكلام يأخذ منحاً آخر شيئاً فشيئاً، واحتجت إلى من يعينني في هذه القضية فطلبتك، وفعلاً دخلت وبدأت أناقش وآخذ وأعطي وكانت ردود الفعل لهذه المناقشة عجيبة.
فأحدهم قال: أنا أول مرة حقيقة أستمع لكلام من مثل هذا الكلام؛ لأني كلما دخلت البالتوك لا أستمع إلا إلى فساد، وأحبه، والآن ألزمتموني أن أستمع إلى هذا الكلام؛ فوالله! لن أخرج من هذه الغرف الصالحة إلى الغرف الفاسدة أبداً.
وهناك أسلوب آخر للنصيحة في الغرف الفاسدة، فمثلاً: دخلت مرة إلى غرفة مكتوب عليها أسماء جنسية أكرمكم الله، فأردت أن أناصح فلم أعط مجالاً، فبدأت أكتب كتابات موجودة عندي وهي ما يسمونه أو ما يعرف بالقص واللصق وفيها أبيات شعرية وآيات وأحاديث وكلمات رقيقة وأضعها، وأبين لهم أثر وجودهم في هذه الغرفة، فأول ما دخلت كان العدد يقارب خمسين شخصاً تقريباً وفي ظرف ثلاث دقائق من هذه الكتابات والتحذيرات ومنها أني كتبت: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ويخاف على عرضه ودينه ويخاف ربه فليخرج من هذه الغرفة، وفي ظرف ثلاث دقائق لم يبق فيها إلا ستة أشخاص فقط لا غير.
إذاً: هذا أسلوب دعوي مثمر ومنتج، لكن أين نحن من هذا الأسلوب؟