للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تأثر الفرق والديانات الأخرى بالهندوسية وتأثيرها فيها]

أما قضية التأثر والتأثير فهنا وقفات مع اليهود والنصارى والشيعة والصوفية، أما اليهود فلهم تأثر وتأثير في الديانة الهندوسية، أول تأثير هو ما يرتبط بالبقرة، فهناك رأي قوي جداً على أن عبادة اليهود للبقرة انتقلت إلى الهندوس فعبد الهندوس البقرة، وجعلوا لها قدسيةً عجيبةً جداً وأعياداً خاصة بها إلى آخر ذلك.

كذلك التلمود الكتاب المقدس عند اليهود الذي يفوق التوراة عندهم بأضعاف مضاعفة.

ففي التلمود نصوص كثيرة جداً مطابقة تماماً لما في مانوسمرتي ولما في الويدا، مطابقة تماماً بحرفيتها وبنصها، مما يدل على أن أحدهما أخذ من الآخر، فهؤلاء أخذوا من هؤلاء أو هؤلاء أخذوا من هؤلاء.

أما بالنسبة للنصارى فنقف معهم وقفتين اثنتين، أحدهما في قضية التثليث، فالنصارى عندهم الأب والابن وروح القدس، وهؤلاء هم الآلهة المعروفة بالنسبة لهم، قال الله سبحانه وتعالى عنهم: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ} [المائدة:٧٣]، وقال: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} [المائدة:١٧].

فإن قيل: أيهما أقدم الهندوسية أو التوراة؟

الجواب

الهندوسية أقدم بقليل على رأي كثير من العلماء، يقول بعضهم: إن المدة بين عيسى وبين موسى (١٢٠٠ سنة)، وقد ذكرنا أن الهندوسية بدأت في عام (١٥٠٠) قبل الميلاد، يعني: بين الهندوسية والتوراة فترة (٣٠٠ سنة)، لكن الرأي الراجح هنا: أنها متقاربة، وهذا يدل على أن هناك تأثراً قوياً فعلاً بين هذه الديانة هذه الديانة.

إذاً: النصارى يقولون بوجود آلهة ثلاث، ويقولون: باسم الأب والابن وروح القدس، فهم يرسمون الصليب باسم الأب، ويجعلون الابن على أكتافهم ثم روح القدس على صدورهم، فكأنهم يرسمون الصليب، هذا الثالوث أو التثليث أدخله رجل يهودي أراد إفساد الديانة النصرانية وهو شاءول الذي تسمى باسم بولس، أما الهندوس فكذلك لديهم التثليث البراهما وفيشنو وسيفا.

أما من الذي تأثر بالآخر؟ فمن المعروف أن التثليث عند الهندوس وجد قبل الميلاد بثمانية قرون، ومعنى هذا أن النصارى هم الذين تأثروا بالهندوس، وبالتالي قال الشيخ محمد أبو زهرة في كتاب له فيه محاضرات عن النصرانية: فعلى النصارى أن يبحثوا عن أصول دينهم، ثم وضع مجموعة علامات استفهام؛ لأنه عقد مقارنة بين النصرانية وبين الهندوسية، فأكد أن النصرانية في كثير من عقائدها قد أخذت من الهندوسية عن طريق شاءول هذا، وهو الذي أدخل على النصرانية عقيدة الصلب والفداء، وأن هناك رجلاً مات في سبيل فداء البشرية، ونفس القضية موجودة عند الهندوس في كرشنا الذي ذكرنا قبل قليل أنه رجل مشهور ومعروف، وقد قدم نفسه قتيلاً ليفتدي مجموعة كبيرة من الناس من الذنوب.

فهنا نوع من التقارب والتشابه، وهذا فيه دلالة على أن النصرانية أخذت أشياء كثيرة من عقائدها من الهندوسية.

أما فيما يرتبط بالشيعة فالشيعة ينقسمون إلى أقسام: فهناك الرافضة والباطنية، فالرافضة يمثلون الإمامية في إيران، والزيدية وغيرهم، والزيدية يخرجون من الرافضة في بعض الأحيان، والباطنية ويمثلون النصيرية والدروز والإسماعيلية، هؤلاء في الجملة قد أخذوا من الهندوس مجموعة من العقائد من أبرزها عقيدة التناسخ، وهناك كتاب اسمه (المصحف المنفرد بذاته) من تأليف كمال جنبلاط الزعيم اللبناني المعروف، وهو والد وليد جنبلاط أحد وزراء الحكومة اللبنانية، فلو قرأت هذا المصحف أو نصوصاً منه لوجدت فيه عقيدة إثبات التناسخ بشكل ثابت مركز، وهو مشابه لما هو موجود عند الهنود.

هناك بعض التغيرات في نواح معينة، فهناك عقيدة: كيف يموت الدرزي وعلاقته بالنصيري، وهل علاقة الدرزي بالنصيري كعلاقة الدرزي بغير النصيري؛ لأنهم متقاربون في العقيدة؟ كذلك نصيرية حافظ الأسد هؤلاء المجرمون الكفرة عقيدتهم فيما يتصل بالتناسخ موجودة عند الهندوس فقد أخذوها منهم.

وهناك قضية غير قضية التناسخ وهي قضية الشرك.

الهندوس يعبدون أشخاصاً مثلوهم بأصنام، نفس العملية بالنسبة للدروز وبالنسبة للنصيرية يعبدون أشخاصاً، فالنصيرية يعبدون علي بن أبي طالب، والدروز يعبدون الحاكم بأمر الله الفاطمي الذي قتل عام (٤١١هـ)، في مصر فهؤلاء وهؤلاء متقاربون في مسألة الشركية، كذلك فيما يرتبط بالحلول.

يقولون: إن الإله حل في الحاكم بأمر الله، فـ الحاكم بأمر الله يعتبر إلهاً بالنسبة للدروز، وعلي بن أبي طالب عند النصيرية إله كذلك؛ لأنه حل فيه الإله، ونفس العملية بالنسبة للهندوس، فكأن هناك تداخلاً في العقائد بين هؤلاء وهؤلاء.

الصوفية كذلك تأثروا تأثراً قوياً بهؤلاء الهندوس، فمثلاً ابن عربي فيقول: العبد رب والرب عبد يا ليت شعري من المكلف إن قلت عبد فذاك رب وإن قلت رب أنى يكلف بمعنى: أن القضية واحدة، ليس هناك عبد وليس هناك رب، فالجميع كلهم آلهة، ولذلك تجد أن الصوفي إذا سمع الكلب قال: لبيك ربي، وإذا رأى شيئاً قال: يا رب، وتتفاوت الأشياء عند هذا الملحد، فالصنم والملك والإنسان والحجر والقذارة كل هذه ممثلة في ربه.

والهدف من ذلك ليس هو التأثر بالفرق الأخرى، بل هناك أهداف أخرى، وهي أنه يريد أن يسقط التكاليف، لكن لا يريد أن يسقطها بطريقة مكشوفة، بل بطريقة منظمة وصل إليها بهذه الكيفية.

والصوفية الآن الموجودون في جميع أنحاء العالم لهم تأثر في العبادة بما يرتبط بالهندوس، فالهندوس يقولون قولاً مشهوراً وهو: أن الإنسان ملزم بعبادات معينة، لكن فيما بعد مع مرور الزمن هذه العبادات تقل، فيقتصر من هذه العبادات على ذكر كلمة أو كلمتين أو ثلاث كلمات: براهما، براهما، براهما، أو فيشنو فيشنو فيشنو، دائماً باستمرار والصوفية عندهم نفس هذا المنهج، فإن الصوفي إذا ترقى إلى درجة معينة سقطت عنه التكاليف كما يقولون، فلا يصلي ولا يصوم ولا يحرم حراماً ولا يحل حلالاً، يعني: فيزني ويرتكب الحرام وكل هذا حلال له، فمرة كنا في العمل وكان عندنا هندي مسلم.

فكان يمسح الطاولات وكان يقول: هو هو هو هو واستمعت إليه مرة ومرتين وثلاثاً وأربع، يعني: على مدار أيام، ثم جلست أتحدث معه، ففي نهاية المطاف قال: لقد وصلت إلى درجة أني كنت قبل عشر سنوات أقول: الله الله الله أما منذ عشر سنوات إلى الآن فكل عبادته مرتبطة بـ (هو) وأما الصلاة والصيام والحج والزكاة وغيرها من العبادات يقول: هذا أنا فوق فوق، يعني: لست مكلفاً بها، وهذه العقيدة بعينها موجودة عند الهندوس.

إذاً: ما الذي جعل هذه تنتشر في بني جلدتهم؟ الذي جعل هذه الأمور تنتشر هو الجهل، فما خيم الجهل في مكان إلا وجدت الصوفية، وما وجدت الصوفية إلا وجد الشرك.

إذاً: الجهل هو أساس البلاء، لكن العلم بشرع الله يقي من هذه المصارع، ويقي من هذه المساوئ.

<<  <  ج: ص:  >  >>