[موقف السيخ من الاستعمار والمسلمين والهندوس وغيرهم]
أما مواقف السيخ من الاستعمار ومن المسلمين والهندوس وغيرهم: فالسيخ بعد أن أنشأ ناناك منهجهم بدءوا يتكاثرون لكن بأسلوب بطيء، ثم بعد أن جاء أرجن التقى بـ أكبر الحاكم المغولي الذي تأثر به ففتح المجال لـ أرجن للدعوة، ونجحت هذه الدعوة في استقطاب عدد كبير من هؤلاء، وبدءوا يتمركزون في شمال الهند.
وعندما جاء الاحتلال الإنجليزي إلى الهند فإن أول من ثار في وجه الاحتلال هم المسلمون ثم السيخ، فقد احتل الإنجليز أفغانستان قبل الهند في القرن السابع عشر والثامن عشر، فاندحر الإنجليز اندحاراً رهيباً من قبل الأفغان، والسيخ كذلك قاموا لدحر هذا الاستعمار، فوجد الإنجليز أنهم أمام عدة جبهات، منها: جبهة الأفغان، وجبهة المسلمين في الهند، وجبهة السيخ، وجبهة الهندوس، فبدءوا بالتخطيط القذر الذي ساروا عليه في مسألة (فرق تسد) فطبقوا هذا المنهج مع السيخ، فوعدوا السيخ بأن يجعلوهم أمة مستقلة، ويعطونهم دولة مستقلة، ويغدقون عليهم بالأموال والخيرات بشرط أن يكفوا أيديهم عن قتال الإنجليز، ثم شرطوا عليهم شرطاً خفياً لم يعلن وهو أن يوجهوا جهودهم ضد المسلمين، فقام زعيم من زعمائهم يدعى راجيف سنج بهذه المهمة عام ١٨٠٩م تقريباً، ووقع معاهدة مع الإنجليز بتنفيذ هذا المبدأ، وفعلاً أعطوا منطقة البنجاب، وهي منطقة من أغنى وأجمل المناطق في الهند بعد منطقة كشمير، وقد سمح لهم بحكم هذه المنطقة، وبعد ذلك بدأ الإنجليز يغدقون عليهم بالأموال، فبدءوا يستثمرون هذه الأموال، وهم لا يؤمنون بمبدأ إنفاقها في المشاريع الاستهلاكية الضائعة، فبدءوا يستثمرونها في تقوية أنفسهم وإعداد القوة لتكوين دولتهم، ثم بدءوا يضربون المسلمين من الخلف، فتخلص الإنجليز من عدوين لدودين: المسلمين والسيخ، وكسب الإنجليز المعركة بهذه الصورة.
ولم يكسبوها في أفغانستان؛ لأنهم قضي عليهم، لكن عندما احتلوا الهند وجدوا أن السيخ في مصافهم، ووجدوا أن المسلمين قد ضعفوا فلم يقف في وجههم إلا الهندوس، واستطاع الإنجليز بطريقة فنية أن يكسبوا السيخ والهندوس إلى أنفسهم، وأقاموا معارك بين الهندوس والسيخ والمسلمين وبقوا هم على كرسي الحكم مطمئنين آمنين.
فالاستعمار الإنجليزي كان له دور قوي جداً في إظهار السيخ وتكوين دولتهم وغناهم، فهم إلى زماننا هذا وهم أغنياء بسبب ما فعل معهم في القرنين الماضيين من قبل الإنجليز.