[لمحة عن الديانة السيخية]
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
وبعد: سيكون الكلام في هذا اللقاء بمشيئة الله سبحانه وتعالى عن ديانة جديدة لم تخرج على ظهر هذه الأرض إلا قبل فترة ليست بالبعيدة بالنسبة للديانات المعروفة، فهذه الديانة لم تظهر إلا قبل أربعمائة وخمسين أو خمسمائة سنة، وليست كالديانات التي عرفت واشتهرت مثل الإسلام والهندوسية واليهودية والنصرانية والبوذية وغيرها من الديانات التي ظهرت قبل سنين طوال تتجاوز الألف.
وسنتطرق في درسنا لهذه الديانة إلى جملة قضايا، فسنعرض أولاً لنشأة هذه العقيدة، ولقضايا مرتبطة بأبرز أئمة هذه العقيدة، ثم بعد ذلك عرض لمجمل العقائد، ثم تركيز على الكافات الخمس، ثم بعد ذلك عرض لمواقف السيخ من الاستعمار، ثم من المسلمين، ومن الهندوس، وحال السيخ كذلك في الخليج وغير ذلك من القضايا الفرعية التي سنطرقها أثناء هذا الدرس.
ولا بد أن يؤخذ في الاعتبار نقطة هامة وهي قلة المراجع حول هذه القضية، فلا تكاد تجد مرجعاً وافياً مستوفياً لعقيدة السيخ إلا بعض المراجع المكتوبة باللغة الإنجليزية والتي لم تترجم بعد، وأما المراجع العربية فلا أقول: إنها قليلة، بل شبه معدومة، فليست موجودة كمراجع، وإنما هناك كتابات يسيرة جداً موجودة في بعض الكتب ولا يعول عليها كثيراً باعتبار أنها عبارة عن تركيز فقط لبعض المسائل والقضايا، كما هو موجود في موسوعة الندوة العالمية، وهناك كتيب كتبه محمد السوداني بعنوان: السيخ أو العدو الخفي، وهناك كذلك كتابات كتبت في بعض المجلات كمجلة المجتمع، ومجلة الاعتصام والدعوة المصريتين.
وهناك كتابات متناثرة داخل دراسات مرتبطة بديانات الهند بشكل موجز جداً وليس بشكل بين، مع أن هناك مجموعة من المؤلفين تحدثوا عن ديانات مشهورة في الهند إلا أنهم لم يتطرقوا للسيخ، بل تطرقوا إلى ديانات أقل من ديانة السيخ من ناحية الديانة أو كثرة العدد كمثل المؤلف أحمد شلبي في كتابه (مقارنة الأديان) في الجزء الرابع منه عندما تحدث عن أديان الهند الكبرى كالهندوسية والبوذية والجينية، ولم يعرض للسيخية بالرغم من أن السيخ يتفوقون كثيراً على الديانة الجينية من ناحية القوة أو العدد أو الانتشار أو الغنى أو غير ذلك، لكن يبدو -والله أعلم- أن لقلة المراجع التي بيد هذا الرجل جعلته يصرف النظر عن الكتابة عنهم.
فهذه المعلومات التي لدي معلومات حقيقية جمعتها من مصادر متعددة وتعبت فيها؛ لأن المراجع قليلة، فكان هناك بعض الإحالات لبعض الرسائل الجامعية التي في الكلية، وهناك بعض اللمحات في بعض الكتب وهي لمحات متناثرة، فلعلها أن تعطي لا أقول معلومات وافية مفصلة عن هذه الديانة، وإنما تعطيك أيها الأخ المبارك قاعدة لدراسة هذه الديانة التي تعتبر من الديانات المعادية عداء كفرياً للإسلام، بل لديهم قاعدة مشهورة ومعروفة توافقوا عليها تقول: إنه لكي يدخل السيخي الجنة لا بد له أن يقتل مسلماً، وهذه القاعدة موجودة في مجمل العقائد التي يطبقها السيخ في كتبهم، وبالتالي فدراسة هذه العقيدة تعتبر ملزمة بالنسبة للشاب الواعي الذي يريد أن يعرف أعداءه ويعرف الذين يحيطون به.
وأذكر من طرائف القوم: أن سيخياً كان موجوداً في القصيم في مدينة بريدة، وعندما جاء إلى هذه المدينة كان ذا شنب طويل جداً وبشكل غريب ومخيف، وأول يوم وصل فيه إلى هذه المدينة المباركة إذا بالهيئة يقبضون عليه، ويطلبون منه حلق أو تقصير هذا الشنب، فرفض باعتبار أن هذا من العقيدة التي يؤمنون بها كما سنعرف بعد قليل، فرفض، فحلق إجباراً بالقوة، فخرج من مقر الحلاق الذي يقع في جوار الهيئة وهو يصيح ويبكي أشد البكاء؛ لأنه قد ارتكب جرماً ليس باليسير، ثم طلب أن يرجع إلى بلاده مباشرة ولا يبقى في هذا البلد، فعاد ولم يبق في القصيم إلا فترة يسيرة من الزمن.
وكذلك حادثة أخرى حصلت لرجل كان تاركاً لشعره، وكان شعره طويلاً جداً؛ لأن في عقيدتهم ترك الشعر كما هو عليه، فلا يمس بأي موس أو مقص أو غير ذلك، فكان شعره طويلاً يكاد يصل إلى منتصف صدره، وكان أمراً ملاحظاً، فرجال الهيئة يعرفون هؤلاء بسيماهم فأخذ وطلب منه أن يحلق شعره وإلا سيرحل، فاختار الترحيل على أن يحلق شعره، فرحل إلى بلاده؛ لأنه يرى أن هذا فيه إهانة لدينه وإهانة لمعتقده.