[عبادة الهندوس للبقر وتقديسهم لها]
لو ذهبت إلى الهند الآن ودخلت بعض المدن فيها فستجد أن البقرة مقدسة لديهم تقديساً عجيباً جداً، ويحترمونها احتراماً ليس باليسير، وهذا الاحترام نابع من أنهم يعبدونها ويتخذونها إلهاً.
وأذكر قصة في ذلك: كان الوالد رحمه الله يسافر كثيراً إلى الهند لجلب تجارة منها وبيعها في منطقة سدير، يقول: في يوم من الأيام كنا ساكنين في بومباي -وكانوا يذهبون إليها دائماً- يقول: ودخلنا السوق وأردنا أن نشتري قماشاً، فاشترينا قماشاً وأردنا أن نذهب إلى البيت، فمررنا على صاحب خضروات وفواكه كي نأخذ بعضاً منها، يقول: فأتت بقرة ودخلت المحل، وبدأت تأكل من كل الأصناف الموجودة، وتفسد وتخرب، يقول نحن أردنا أن نطردها، فإذا بصاحب المحل يتكلم علينا كلاماً عجيباً، فسكتنا، يقول: فاتجه صاحب المحل إلى البقرة وسجد لها واستمر على سجوده خاشعاً للبقرة إلى أن انتهت.
يقول: ولما خرجت إذا بكثير مما في المحل قد دمر وأفسد، وصاحب المحل كان مستريحاً وفرحاً؛ لأن الذي جاء لمحله وزاره هو الإله، فهذا يعتبر فخر لمحله، يقول: وبعد أن شبعت البقرة أخرجت غائطها بين رجليها، يقول: فجميع أصحاب المحلات خرجوا من محلاتهم، واحد معه ماعون وذاك معه إبريق، فهذا يأخذ بولاً وهذا يأخذ روثاً، حتى ما بقي على الأرض شيء إلا أخذ.
كان الوالد يحدثنا بهذه القصة القديمة، ولم أكن أتصور أن هذا صحيح، وكنت أظن أن الوالد يأتي بذلك من باب التأليف أو القصص أو غير ذلك، لكن هذا الكتاب يحتوي على أشياء أفظع من هذا الأمر بخصوص هذه القضية بالذات، مما يؤصل فعلاً قضية عبادة البقر بالنسبة لهؤلاء.
وهذه نصوص من كتابهم المقدس تؤكد اهتمامهم بالبقر.
يقول: إن العلم والنار والطعام والتراب والقلب والماء والطلي بخثي البقر والهواء والطقوس الدينية والشمس والزمن كل أولئك تطهر جسم الإنسان -وكأنه صابون- فهذا النص الآن أعطاك دلالة على أن العلم والماء والخثي وغير ذلك كله متساو بالنسبة لهم في تطهير جسد الإنسان.
وهذا نص آخر يقول: تطهر الأرض بواحدة من الأسباب الخمسة الآتية: وهي الكنس، طليها بخثي البقر، رشها ببول البقر أو بلبنها، قشر ظاهرها، يعني: كشط ظاهرها، ربط بقرة فيها نهاراً وليلاً، من أجل أن تخثي وتبول فيها.
فمثلاً: إنسان بال أو تغوط في أرض كيف تطهر هذه الأرض؟ إما أن تزيل ما عليها من قاذورات بكنسها، أو تقشر القشرة السطحية التي عليها، أو أنك تطليها بخثي البقر، أو تربط فيها بقرة يوماً وليلة لتطأها بأقدامها وتبول عليها إلى آخر ذلك، فإنها تطهر.
وهذا نص طويل وفيه: على من يرتكب ذنباً بسيطاً بقتله بقرة أو ثوراً -طبعاً هو ذنب عظيم في نظر عباد البقر، يقول: على من يرتكب ذنباً بسيطاً بقتله بقرة أو ثوراً- أن يحف شعر رأسه ويكتسي جلد الحيوان الذي قتله، وأن يعيش في مربض البقر، ويقتات كل شهر الأول وعليه في الشهرين التاليين أن يأكل مقداراً زهيداً من الطعام من غير ملح وذلك مرة واحدة في الوقت الرابع للطعام، وأن يغتسل ببول البقر ويحفظ، وعليه أن يسير وراء البقر نهاراً ويقف وراءها ليلاً، ويستنشق الغبار الذي ينبعث من تحت أظلافها، وبعد أن يخدمها ليلاً ويعبدها عليه أن يبقى في المرعى المسمى (براسين).
يقول: وعليه أن يضبط نفسه ويجردها من الغضب، ويقف حيث تقف البقرة ويتبعها حيث تذهب ويجلس حيث تجلس، ويجب عليه أن ينقذها بكل ما يستطيعه من الوسائل إذا ما رآها غارقة في الوحل أو مريضة أو خائفة من اللصوص أو السباع، وعليه ألا يحفظ نفسه من الحر أو القر أو المطر أو العواصف قبل أن يحفظها بقدر الاستطاعة.
نص جديد: وعليه ألا يتكلم إذا ما أكلت البقرة شيئاً، سواء أكان المأكول من داره أو من دار غيره، أو من الحقل أو المزرعة وعليه ألا يتكلم إذا كان العجل يرضع.