[صور من إبراز اليهود للمناهج الباطلة ودعمها إياها لتقويض أركان الأمة المحمدية]
لكن اليهود وجدوا أن هذه المظلة قد تجد قبولاً من أناس، لكنها ربما لا تجد قبولاً من أناس آخرين، ففكروا في إنشاء مظلة أخرى تستهوي أناساً آخرين، فجاءوا لرجل منهم يمتاز بالذكاء والحصافة والقدرة والقوة، وهو عبد الله بن سبأ الصنعاني اليهودي من اليمن، دخل المدينة فأعلن الإسلام وبدأ يعكف على العبادة، ويعكف على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لكي يراه الجميع.
فصار يدخل الأسواق ويأمر وينهى، فأحبه كل الصحابة، وعندما زرع الثقة القوية في قلوبهم قال: إنني مسافر لأنشر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في جميع أرجاء العالم الإسلامي، فذهب إلى البصرة والكوفة والشام ومصر، لكنه كان يدعو ظاهراً وينظر إلى أناس من اليهود أو المجوس أو المنافقين فيحتك بهم، فكون خلايا ترعرعت ونمت شيئاً فشيئاً إلى أن كبرت.
وفي عهد عثمان نشأت هذه التجمعات الصغيرة، وبدأ يثير هؤلاء في أواخر خلافة عثمان على عثمان، فبدأت هذه التجمعات تدعو في الظاهر إلى نقد منهج عثمان في الحكم فقط، هذا هو الأمر الأساسي.
وفعلاً هذا هو الذي بدر منهم، لكن اندس بينهم الذين ينهجون المنهج العقائدي الذي تبناه ابن سبأ، فتجمعوا وكبروا، وكانت النتيجة مقتل عثمان وظهور الفتنة، بعد ذلك نشر عبد الله بن سبأ في أتباعه الخلص عقائده التي يريد، من الرجعة والعصمة والتقية والبداء وغير ذلك من العقائد التي أخذ بها الشيعة الرافضة إلى زماننا هذا.
فنشأ هذا المنهج وترعرع شيئاً فشيئاً، وصار شوكة عجيبة في جسد الأمة الإسلامية، بل وكان له قدرة وقوة في كثير من الأزمنة على ضرب الأمة وإجهاض كثير من مقدراتها، ومن أمثلة ذلك: الدولة العبيدية التي استمرت قريباً من ٢٧٠ سنة، وهي تضرب في الأمة الإسلامية التي تسمى ظلماً وعدواناً: الدولة الفاطمية، فقد قضت على العلماء وعلى الإسلام والمسلمين داخل مصر، بل إن آثار هذه الدولة موجودة إلى الآن في مصر، ومن مظاهر ذلك: الكتب التي أنشأها الفاطميون لتشغل الناس عن ذكر الله تعالى، مثل كتاب: تغريبة بني هلال، أو كتاب حمزة البهلوان، أو كتاب سيف بن ذي يزن في أربعة مجلدات، وهي كتب قوية وفيها تشويق وباللغة الشعبية العامية وأشعار وغير ذلك.
ومن آثارها كذلك مثلاً: ما يسمى بعيد شم النسيم، وهو عيد النيروز (العيد المجوسي المعروف) وهو موجود في مصر، والدولة العبيدية نجحت نجاحاً باهراً في سبيل تقويض كثير من مقدرات الأمة، بل كان لها قدم قوية في استجلاب الصليبيين لضرب الأمة الإسلامية، واستنجاد هؤلاء بالصليبيين لا يخفى على أحد.
ومن النكت اللطيفة في هذا الجانب: أن العبيديين أو الدولة الفاطمية عندما وقفت وقفة عجيبة ضد المسلمين تنبه المسلمون وبدأت تظهر صحوة في القاهرة، هذه الصحوة التي بدأت تظهر وجدت مجابهة رهيبة من قبل هؤلاء، وكانت هذه الصحوة في وقت الحاكم بأمر الله الفاطمي المعروف، فكان يأمر عبيده الذين يبلغون الآلاف بأن يهاجموا هؤلاء الذين التزموا الحق، فصاروا يهاجمونهم في المساجد ويقتلونهم، فقامت معركة بين أهل القاهرة وبين هؤلاء العبيد، فكان الخليفة الفاطمي يخرج ويرى المعركة في النهار فيبكي، وفي الليل يأمرهم بالضرب فيهم والجلد معهم، بل إنه يعتق الشجعان منهم، ولعل هذا المنهج هو منهج الشيعة الآن.
تجد مثلاً: نبيه بري أو (منظمة أمل) أو (حزب الله) أو (إيران) تتباكى على فلسطين وعلى القدس وعلى الفلسطينيين، ومع ذلك لم يضرب الفلسطينيين مثل هؤلاء، ولم يقض على الفلسطينيين مثل هؤلاء، فقد قتلوهم في تل الزعتر، وفي مذبحة صبرة وشاتيلا، وهم الذين ساندوا اليهود في مخيم نهر البارد، ثم يدعون أنهم ينصرون الفلسطينيين والقضية الفلسطينية.
فهم يستخدمون منهج الحاكم بأمر الله حرفاً بحرف وسهماً بسهم.
ومن الأمثلة كذلك: الدولة البويهية التي ظهرت إبان الخلافة العباسية، وكان لها دور قوي جداً في نصرة المذهب الشيعي، بل وصل الأمر بهم إلى منع أهل السنة من الدروس واللقاءات، وكانت الأوضاع آنذاك مأساوية كما ذكر ذلك ابن كثير رحمه الله تعالى.
وأما الشيعة فدروسهم عامرة، ومساجدهم ظاهرة، والفرح والسرور بادٍ على وجوههم؛ لأن الوزارة بأيديهم؛ وزارة الدولة البويهية.
وكذلك القرامطة، فقد فعلوا الأعاجيب عندما سيطروا على نجد والحجاز وجنوب العراق وجنوب سوريا، فقد سيطروا عليها سيطرة تامة، فقد كانوا يقتلون الحجاج، ويرمونهم في بئر زمزم، في حقد عجيب على الأمة المسلمة، مثلاً: الدولة الصليحية في اليمن، فعلت الأعاجيب، وكذلك علي بن الفضل كان من زعماء الصليحيين في اليمن، وهو الذي نشر المذهب الباطني، وهم الآن موجودون في نجران وفي اليمن، وهذا بفعل جهود علي بن الفضل.
ولعلي أذكر لكم طرفة: علي بن الفضل هذا كان يحمي نفسه بحراسة شديدة جداً ففكر أحد الصلحاء في قتله، لكن كيف يقتله مع هذه الحراسة؟ فادعى أنه طبيب، فتعلم الطب فصار يطبب الناس، وفعلاً ظهرت آثاره، فاحتاج علي بن الفضل هذا إلى أن يحتجم فقال: جاءتني فرصة؛ لأنهم طلبوه ليحجم علي بن الفضل، لكنه عرف أن هؤلاء إذا جاءهم الشخص غيروا ثيابه وأخذوا الأدوات كلها، وغسلوها بالماء الحار، فلا يستطاع على قتله بأي شيء، فوضع سماً أسود في لحيته، ووضع عليه نوعاً من العود فصارت لحيته لحية إنسان متطيب، ثم ذهب إليه.
وعندما أخذ المحجم ليضعه مرره بسرعة عفوية دون أن يشعر به أحد على لحيته، فالتصق السم بها ثم وضعه على رقبته فمات بعد دقائق معدودة لقوة السم، فلما علموا به أخذوه وقتلوه.
ومن ضمن النماذج كذلك: الدولة الصفوية في إيران، وإيران كانت دولة سنية إلى عام (١١٥٠هـ) ثم ظهرت الدولة الصفوية وكان من أبرز زعمائها: إسماعيل الصفوي، وهذا الرجل تذكر كتب التاريخ التي تحدثت عن هذه الدولة -ومن أبرزها كتاب العصامي (سمط النجوم العوالي) - تقول: إنه في يوم واحد قتل مائة ألف سني في مدينة واحدة في مجزرة لا يتخيلها عقل، وذلك لأنهم تحدوه ورفضوا أن ينضموا إلى التشيع، ثم نقل المنطقة كلها من التسنن إلى التشيع.
ومن النماذج الأخرى: ما فعله مؤيد الدين بن العلقمي، ونصير الدين الطوسي في مسألة القضاء على الخلافة العباسية؛ فقد أرسل ابن العلقمي خطاباً إلى هولاكو يحثه على دخول بغداد لكي تسقط الخلافة السنية، فيقيم خلافة شيعية بدلاً عنها.
فأرسل له هولاكو يعتذر عن دخول بغداد؛ لوجود مائة ألف جندي مدربين وأقوياء، فتعهد له ابن العلقمي بصرفهم جميعاً، ولم يبق في بغداد آنذاك إلا مائة ألف جندي كلهم ضعفاء، فقدم هولاكو وحاصر بغداد حصاراً يسيراً فسقطت، وفعل بها الأفاعيل، وكان الشيعة يقودون الجند المغول ويقولون: هذا بيت فلان! وهذا بيت العالم فلان! وهذا بيت المؤرخ فلان! فيدخلونها ويقتلونهم واحداً تلو الآخر، فقضي على أعداد كبيرة، ولم يبق عالم ولا طالب علم من السنة إلا قضي عليه من قبل هؤلاء الشيعة.
إذاً: فقد نجحت هذه المظلة في أن تقضي على كثير من مقدرات المظلة الأساسية الأم، ولكن الله سبحانه وتعالى تعهد بحفظ هذه المظلة، ولم يوكل حفظها لنا نحن، بل قال: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر:٩]، فإذا حفظ الله القرآن حفظ بحفظ القرآن أهل القرآن، فكانت المسألة مسألة شد وجذب، فينخفضون ويقلون لكنهم باقون: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة لا يضرهم من خذلهم إلى أن يأتي الله بأمره)، والنماذج الحالية الآن في هذا الزمان: إيران وسوريا وما يحصل في الأحساء، وما يحصل في الكويت الآن، فهم يبرزون الشيعة قليلاً قليلاً، ويظهرونهم ظهوراً قوياً، وهؤلاء يخططون ليس على مدار سنة أو سنتين، بل على مدار سنين طويلة، فإذا ظهروا فسيضربون ضربتهم، فوالله إن كتبهم لتفوح بالحقد المرير علينا، الآن في المنطقة الشرقية: يتناسلون تناسلاً عجيباً ويقولون لأتباعهم ولأفرادهم: إن من يتزوج زوجة ثانية فله كذا وكذا من المال، ومن أنجب أطفالاً فوق العدد الفلاني فله مصروف مغر وهكذا.