الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد الأمين، وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه واقتفى أثره إلى يوم الدين.
أما بعد: فمسألة الحديث عن دماء المسلمين وأشلائهم مسألة ذات شجون، الدخول فيها متعب ومرهق وممل ومحزن ومبك.
إن المطالع في تاريخ الأمة الإسلامية منذ بعثة المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى هذا الزمن وإلى أزمنة تالية، عندما يطالع ذلك ويقرؤه، سواءً كان ذلك في الفتن والملاحم بما يرتبط بالمستقبل، أو فيما مضى في تاريخ السابقين، فإنه يتألم ويحزن، وفي نفس الوقت يفرح ويأمل؛ لأن المسلم في هذه الحياة وجد لكي يدعو ويبذل ويضحي، فالبذل والدعوة تقترن بالنجاح أحياناً وتقترن بالفشل أحياناً أو في مراحل أخرى، والفشل والنجاح هو ديدن الحياة؛ لأن الفرق بين الآخرة والدنيا في هذه الناحية، فالآخرة إما نجاح كامل وإما فشل متواصل، فالذين يدخلون الجنة سيكونون ممن ظفروا بالنجاح الدائم الأبدي، والذين سيخلدون في النار سيكون الفشل هو قرينهم إلى أبد الآباد، أما في هذه الحياة الدنيا فيجتمع للإنسان في ذلك فشل ونجاح.