هل يجوز توهم صفات الله بالعقل؟ وكيف الخلاص ممن يحصل له ذلك ولا يستطيع دفعه؟
الجواب
هذه المسألة لعلي أقربها لك من خلال ما يلي: أنت الآن كم تشكل بالنسبة للرياض؟ أنت نقطة صغيرة ربما لا تشاهد بالنسبة للرياض كعاصمة، وكم تشكل أنت بالنسبة للمملكة؟ وكم تشكل أنت أيها المرء بالنسبة لقارة آسيا بالنسبة للكرة الأرضية؟ أو كم تشكل بالنسبة للمجموعة الشمسية؟! كم تشكل بالنسبة للمجرة التي نعيش فيها؟ وكما يقول علماء الفلك: فإن أمامنا في السماء مئات الآلاف من المجرات، وكل مجرة فيها مئات الآلاف من النجوم! يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث في الصحيح:(إن السماوات السبع والأرضين بالنسبة إلى الكرسي - أي: كرسي الله - كدراهم - يعني: قروش - ألقيت في فلاة) في بر، في صحراء! تخيل السماوات السبع والأرضين السبع، فكم تشكل أنت الآن بالنسبة للأرض؟ لا شيء، فما بالك بالأرضين السبع والسماوات السبع كدراهم ألقيت في فلاة؟! إذا كان الكرسي العظيم جداً الذي لا تشكل السماوات والأرض بالنسبة إليه إلا كدراهم ألقيت في فلاة والعرش لا يقدر قدره إلا الله، والله فوق ذلك، فأنت الآن كيف تستطيع أن تتخيل صفة من صفات الله سبحانه وتعالى وهو بهذه العظمة التي لا يمكن أن تتخيل حتى ما ورد في الحديث، لا يمكن أن تتخيله؟ يعني: الكرسي بالنسبة للعرش، والسماوات السبع بالنسبة للكرسي، والإنسان بالنسبة للأرض، والأرض بالنسبة للمجرات، وهكذا ستجد أن الله سبحانه وتعالى هو العظيم، ستجد أن الله سبحانه وتعالى هو الكبير، وستجد أن الله سبحانه وتعالى هو العلي.
إذاً: هذه الصفات عندما ترد إلى ذهنك ينبغي أن تضع في اعتبارك هذا الأمر، ويحضرني هنا ما ذكره أحد العلماء، يقول: من أراد أن يتخيل صفة من صفات الله فليطبق على نفسه هذه التجربة، يجلس على فراشه، ويخرم البطانية خرماً صغيراً ويضعه على عينه، ثم ينظر من خرم البطانية على فتحة الباب حق القفل إن كان من الأقفال الأولى، ثم يوازنها ويقول: يا جماعة! أنا أسمع بقارة اسمها استراليا ولا أشوفها الآن، أين هي؟ فنحن نلاحظ الآن أن القارة بعيدة جداً وأنت ما عندك إلا إمكانات ضعيفة جداً، وتريد أن تتخيل هذه القارة الضخمة الكبيرة البعيدة.
إذاً: معنى هذا فأنت إذا أردت أن تتخيل صفات الله سبحانه وتعالى فضع في اعتبارك هذا الأمر أولاً، ثم ضع في اعتبارك قول الله سبحانه وتعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى:١١] فمهما تخيلت أن الله له الصفة الفلانية هذا خطأ، ثم ضع في اعتبارك كذلك أن الله سبحانه وتعالى لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار.
إذاً: ضع في اعتبارك هذه الأمور، ثم بعد ذلك ضع في اعتبارك قضية أن هذه وسوسة من الشيطان، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم كذلك أمرك بأن تتعوذ من الشيطان، وتطرد هذه الوسوسة عن قلبك ونفسك، وتتجه إلى شيء آخر؛ حتى لا يزداد فيك الوسواس وينقلب ذلك إلى تأثر أو تأثير فيك.