للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أسباب وعوامل التركيز على الشيعة الرافضة]

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد الأمين، وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه واقتفى أثره إلى يوم الدين.

أما بعد: ففي هذا اليوم نبدأ برنامجاً تعليمياً مرتبطاً بالرافضة عقيدة وهدفاً في الوقت الحاضر، وسيكون هذا البرنامج عبارة عن مجموعة من الحلقات التي نتحدث فيها عن واقع الرافضة من ناحية النشأة والأصول والعقائد في الواقع المعاصر، ثم بعد ذلك تكون الإجابة عن الأسئلة التي تدور في أذهانكم، وأرجو أن تكتب في حينها حتى لا تنسى، ثم بعد ذلك تجمع ويخصص لها درس مستقل إن كانت تستحق، أو جزء من درس إن كانت أقل من ذلك، كذلك ينبغي أن تكون الأسئلة والأجوبة حول هذا الموضوع الهام، الذي وللأسف الشديد يوجد كثير من الناس، بل وكثير من طلبة العلم الذين يعتقدون أن الصلة بين السنة بين الشيعة صلة قوية، ولا افتراق بينهم إلا في نواح يسيرة قد لا تتجاوز (١٠%)، أما (٩٠%) فإنها مواضع اتفاق، وهذا وللأسف الشديد خطأ مبني على جهل مركب، وإلا فالخلاف بين أهل السنة وبين الرافضة خلاف في الأصول وفي الفروع، بل وفي كل شيء؛ لأن الرافضة لهم منهج مستقل، والإسلام بريء من دين الرافضة كبراءة الذئب من دم يوسف.

فمسألة التركيز على الرافضة تعود حقيقة إلى مسألة هامة وهي: أن الرافضة اعتباراً من عام (١٤٠٠هـ) بدءوا يظهرون ويبرزون بروزاً سريعاً وينتشرون انتشاراً بيناً، وقد يلحظ ذلك أهل العلم والبصيرة المتابعين بدقة، أما بقية الناس وللأسف الشديد فإن ملاحظتهم لهذه المسألة تضعف وتقل، وبالتالي لا يلقون لها بالاً، ولا يهتمون بهذا الجانب، فالشيعة الآن ينتشرون في جميع بقاع الأرض، ويدعون إلى مناهجهم، وهم مدعومون مادياً ومعنوياً وسياسياً من قبل دولة كاملة تتبنى منهجهم وتتبنى فكرهم، وتفرض إرادتها على الدول الأخرى، وتفرض مساعداتها ومساهماتها للدول التي تسايرها، وتقطعها عن الدول التي تعارضها.

نبدأ هذا الدرس بمبادئ عامة أو قضايا عامة حول مسألة الرافضة.

وهذه القضايا العامة تعتبر تمهيداً للدروس القادمة، أما الدروس القادمة فستكون دراسة تأصيلية علمية للفكر الرافضي، وهذه الدراسة ليست بمحاضرة إنما هي دراسة علمية تأصيلية، وهناك فرق بين الدرس العلمي وبين المحاضرة، باعتبار أن الدرس العلمي يأخذ طابع التأصيل والتميز والاختصاص بخلاف المحاضرة في الجملة أو الغالب.

النقطة الأولى في هذه المسألة: لماذا ركزنا على الرافضة أولاً وتركنا غيرهم من بقية الفرق؟ لم لم ندرس النصيرية مثلاً أو الدروز أو الإسماعيلية أو الباطنية أو غيرهم من الفرق؟ السبب في ذلك يعود إلى أن الرافضة هم جمهور الشيعة، وهم الكثرة الكاثرة من الشيعة في هذا الزمان، بل وفي الأزمنة السابقة منذ ظهرت هذه الفرقة وانشقت عن دين الإسلام، فتعتبر هي الكثرة الكاثرة والعدد الضخم لمن ينتسب إلى هذا الفكر.

الناحية الثانية: أن هذه الفرقة - أي: الرافضة - كالنهر الذي يسير في وسط بلاد معينة، وبقية فرق الشيعة سواء كانت فرق غالية أو فرق معتدلة كلها تستقي من هذا النهر، والفكر الرافضي هو الفكر الأصل، وبقية الفرق قد أخذت منه، وقد عدلت فيه أو أضافت عليه.

إذاً: هي أصل وبقية الفرق تعد فروعاً لها.

الناحية الثالثة: موقفهم المتميز من أهل السنة؛ فإن لهم موقفاً عدائياً واضحاً بيناً من أهل السنة، وقد تأصل وظهر على مدار التاريخ، وفي عدة أماكن، وبمختلف الوسائل، بخلاف بقية الفرق، فلو قال قائل مثلاً: إن النصيرية كان بينها وبين أهل السنة صراع، لقلنا: نعم، لكن النصيرية لا توجد إلا في منطقة محدودة وهي في جبال النصيرية الخاصة بهم في سورية.

أما الشيعة الرافضة فالصراع بين أهل السنة وبينهم في كل مكان، بل وفي كل زمان إلى زماننا وربما إلى أزمنة لاحقة.

الناحية الرابعة: بروز النشاط الدعوي لهذه الفرقة، تعلمون أن النشاط الدعوي للدروز ممنوع، والنشاط الدعوي للنصيرية ممنوع، والنشاط الدعوي للباطنية ممنوع، وإذا ظهر فهو على مستوى ضيق للغاية، أما النشاط الدعوي للرافضة فهو نشاط مدعوم، وتستخدم فيه جميع الإمكانات المتاحة لنشره وبثه بين الناس، وكذلك قضية انتشار هؤلاء في بقاع الأرض وفي كل مكان، وخاصة في المناطق التي يكثر فيها الجهل، فالذي يجب على الشاب المسلم أن يعرف هذه الفرقة معرفة واعية، ويدرسها دراسة مفصلة حتى يستطيع أن يلم إلمامة كاملة بمنهج هذه الطائفة وهذه الفرقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>