للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[دور ابن العلقمي في حرب المسلمين]

النموذج الأول: هو ما يذكره المؤرخون عن مؤيد الدين بن العلقمي الذي كان وزيراً للخليفة العباسي المستعصم بالله، هذا الرجل الذي هو مؤيد الدين بن العلقمي، كان طبعاً وزيراً ومعه وزير آخر هو نصير الدين الطوسي، نصير الدين الطوسي، وكانوا كلهم شيعة.

انظروا إن الوثوق بالشيعة أدى بالخلافة العباسية للسقوط والانهيار والاندثار، فهؤلاء الشيعة الذين اتخذهم خليفة المسلمين المستعصم وزراء له ماذا فعلوا تجاهه؟ ماذا فعل ابن العلقمي؟ لقد أرسل رسالة إلى هولاكو ملك المغول (التتار)، والمغول كانوا يعيشون في بلادهم، فكانت التجارات بينهم وبين المسلمين، فكان هناك حاكم مسلم فيه حماقة، فعندما جاءه مجموعة من التجار المغول اعتدى عليهم وضربهم، فعادوا إلى بلادهم يشتكون إلى جنكيز خان، فغضب جنكيز خان وأراد تأديب هذا الحاكم، فاتجه لتأديبه فهذا الحاكم استنصر بالحاكم الذي بجانبه، فقام جنكيز خان بافتتاح دولة هذا الحاكم، والحاكم الذي بجانبه، ثم توقف ورجع إلى بلاده، وهولاكو حفيد جنكيز خان لم يجرؤ أن يتقدم إلى بغداد مهد الخلافة العباسية وقلب الأمة الإسلامية، لأن هذا قد يكون فيه مخاطرة، لكن لما جاءته رسالة من مؤيد الدين بن العلقمي يقول فيها: إنني أستنجد بك وأطالبك أن تأتي لتنقذنا من كذا وكذا وكذا، فطبعاً هولاكو استغرب؛ لأنه قد يكون هذا نوعاً من المكر والخديعة، وقد يكون هذا من الاستدراج له، فإذا جاء إلى بغداد ضرب، فأرسل رسالة: أنا لا أستطيع أن أقدم إلى بغداد؛ لأن بغداد زاخرة بالجند فيها أكثر من مائة ألف جندي مدرب، ولكن إذا صرفت هؤلاء الجند فإنني سأقدم عليك لأنصرك.

وأرسل جواسيس إلى بغداد لمتابعة هل سينفذ مؤيد الدين بن العلقمي هذا الرأي أم لا، وفعلاً عندما وصل الخطاب بدأ ابن العلقمي بتفريق الجيش، فجعل عشرة آلاف جندي يذهبون إلى اليمن، لإصلاح الأوضاع، وقال لمثلهم: وأنتم اذهبوا إلى مصر، وأنتم اذهبوا إلى النوبة، وأنتم اذهبوا إلى الشام، فلم يبق في بغداد إلا عشرة آلاف جندي ومن أضعف الجند.

ثم أرسل برسالة إلى هولاكو يطالبه فيها بالقدوم، فالجواسيس الذين أرسلهم هولاكو قالوا: نعم لقد حقق ابن العلقمي ما أمرته به، فقدم هولاكو ولم يحاصر بغداد إلا فترة يسيرة من الزمن، ثم دخلها، وعندما دخلها ماذا فعل هولاكو؟ لقد قتل أكثر من مليون ومائتي ألف على أقل الروايات، فرواية ابن كثير في البداية والنهاية تقول: مليون وثمانمائة ألف، يعني: قتل قريباً من المليونين، والرواية الأخرى تقول: مليون يعني: ألف ألف.

وهؤلاء كلهم من أهل السنة؛ لماذا؟ لأن ابن العلقمي كان يقول لأتباعه من الرافضة: ابقوا في مكان معين حتى نضمن سلامتكم، ثم ذهب إلى هولاكو وجنده وقال: هؤلاء كلهم جند معك يدلوك على أعدائنا.

فكان الجندي المغولي يأخذ معه أحد الرافضة، فيدله على البيوت المشهورة، هذا بيت القاضي فلان، فيدخلون فيقتلوه هو وأسرته، وهذا بيت العالم فلان، وهذا بيت طالب العلم فلان، وهذا بيت كذا، فيقتلونهم عن بكرة أبيهم، إلى أن وصل الأمر إلى أن رائحة الجثث صارت تشم على مسافة سبعمائة كيلو متر.

بل قال ابن كثير: إن نصف هؤلاء ماتوا من الروائح ومن انتشار الأوبئة، لأنه يصعب أنهم يقتلون مليون وثمانمائة ألف.

انظروا إلى الحقد في قلب مؤيد الدين بن العلقمي الذي جعله يسعى في سبيل هدم الأمة الإسلامية، وكان يهدف باستدعاء هولاكو إلى إقامة دولة رافضية، لكن الله سبحانه وتعالى رد كيده في نحره، فقد انقلب عليه هولاكو ولم يتهنَّ بملك، وقدم على الله سبحانه وتعالى بهذا الوزر العظيم، فكل هؤلاء الذين قتلوا سيسألونه لم قتلتنا؟ أو كنت السبب في قتلنا؟ هذا مثال من الأمثلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>