[من الصور السلبية للعطاء والبذل: عدم اليقظة عند توزيع المساعدات]
أيها الأحبة! أعطيكم صورة من الصور السلبية، ثم أنتقل إلى الصور الإيجابية، فأبدأ بالضعف ثم أنتهي بالقوة.
كان الإخوة يساهمون في توزيع المساعدات، وكان هناك رجل يوزع أكياس الأرز الصغيرة، وآخر يوزع علب الحليب، وثالث يوزع الزيت، ورابع يوزع شيئاً من الشاي أو غير ذلك فكان البوسني يجمع هذه الأغراض علبة في يد وكيساً في يد وشيئاً فوق الرأس، ويتضايق من كثرة ما معه، ولا يستطيع أن يتركه؛ لأنه زاده وزاد أبنائه، فلا بد أن يصبر، وفي نفس اللحظة يجد رجلاً يعمل خيراً ويدعو إلى خير، ويتبنى مساعدة هذا المسكين الذي انشغل بهذا الحمل المتنوع، فيقول له: تعال خذ هذا الكرتون الفارغ، فيفرح هذا الرجل، وإذا به يأخذ الكرتون ويعينه ذاك الرجل في وضع هذه المواد والأدوات والنعم والخيرات في هذا الكرتون، ثم يقوم بإغلاق الكرتون بقطعة من اللاصق، ثم يحمله على رأسه ويذهب به.
عندما يضعه في بيته يتجمع الأولاد، بل ربما الأحباب، الزوجة والأبناء، البنات والأخوات، كلهم يتجمعون على هذا الخير الذي جاء، يا ترى من أين جاء؟! من الذي قدمه؟! من الذي أعطاه؟! وإذا بهم يجدون على الكرتون مكتوب هدية من جمهورية الإسلامية، هذه الجمهورية التي تتبنى الفكر المنحرف الذي يدعو إلى سب وشتم أفضل جيل بعد الأنبياء والمرسلين، هذا الفكر الذي يقول: إن القرآن محرف، وتتبناه هذه الدولة، وإذا بها تقول: هدية من حكومة جمهورية الإسلامية، ثم على جوانب الكرتون الأخرى: نسأل الله لكم العون والسداد والتوفيق والنجاح، وفي الجهة الأخرى دعوة إلى مواصلة الجهاد والحرب، دعوة إلى التحمل والصبر، كل ذلك بلغة بوسنية واضحة بينة، فالأبناء جميعاً والبنات لا يعرفون من يدعمهم إلا هذه الجهة، ولا يعرفون من يعطيهم إلا هذه الجهة، وقد غاب الأمر على الكثير ممن يقدِّم هذه المساعدات، إلى أن اكتشف الأمر في آخر المطاف، ولذلك عندما عملت مجموعة مقابلات إبان المعركة وإبان الغزو، كان كل منهم يثني على ذاك البلد، بالرغم أنه لم يقدم ولا حبة أرز واحدة، إنما كان يقدم كراتين فارغة، ولكن الخدعة انسرت، ولذلك تبقى قضية سلبية العطاء تحتاج إلى وقفة مراجعة، وسأشير إلى صور أخرى من هذه السلبية في حينه إن شاء الله.