أختم هذه المسائل بالحديث عن العامل السادس ألا وهو: الجيران، فالجيران من العوامل المهمة جداً في إعمار البيت أو دماره، فكما قيل: الجار قبل الدار، وكما روي أن أحد الأشخاص أراد أن يبيع منزله، فحرج عليه بأربعة آلاف دينار، فقيل له: إن هذا المنزل لا يساوي إلا ألفين فقط، قال: نعم، هو لا يساوي إلا ألفين دينار، لكن ألفي دينار قيمة البيت وألفي دينار قيمة جار البيت، الذي هو أبو دلف العجلي المشهور، فعندما سمع أبو دلف بهذه الحالة أعطى صاحب هذا البيت مبلغاً من المال؛ لأنه أراد أن يبيعه بسبب دين عليه.
إذاً: الاهتمام بالجار هنا عامل مهم جداً في تحويل البيت إلى عمار أو دمار، ولذلك كثير من الأسر يتساهلون في مسألة اختلاط أبناء الجيران مع بعضهم البعض، ولا يدري الجار عن هذا الجار ما هي حالته وما هي أحواله، فيترتب على ذلك انتشار عوامل سيئة أو حسنة بدون أن يعلم هذا الأب أو هذه الأم أو تلك الأسرة، ولذلك على الإنسان أن يراعي دائماً ويركز دائماً على مسألة جاره، وينتبه لذلك انتباهاً شديداً.
فالذي ينبغي للمسلم أن يوجه الجيران دعوياً؛ لأنهم عوامل مساعدة في جعل بيتك بيتاً عامراً بالخير، فعندما تدعو هذا الجار وترسل له هدية وتعطيه مثلاً شيئاً حسناً ليستفيد منه، فإن ذلك يؤثر في تربية هذا الجار وتربية أولاده الذين سيتأثرون به لا محالة، وهذه الهدايا من الأمور التي حث عليها شرعنا الإسلامي الحنيف، فقد قال المصطفى عليه الصلاة والسلام:(تهادوا تحابوا).
والله سبحانه وتعالى الموقف والهادي إلى سواء السبيل، والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.