[قضية حرق الأجساد عند الهندوس]
ننتقل إلى قضية حرق الأجساد بالنسبة لهم: لعلكم قرأتم أو شاهدتم أو سمعتم عن حرق الرئيس غاندي، عندما مات حرقوه بخشب العود أو خشب الصندل، وخشب العود أو الصندل بالنسبة للعالين منهم.
وهؤلاء الهندوس يقولون: إن الإنسان مكون من روح وجسد، فلابد من روحه أن تصعد إلى العلو حتى تحل فيما بعد في جسد أفضل، فكلما أوجدنا أسباب صعودها إلى العلو كلما جعلناها تحل في جسد أعلى، أما إذا دفناها في الأرض فإنها تنزل إلى السفل، فكأننا نسقط الروح إلى السفل، فتتحد مع أشياء أقل، أما إذا جعلنا الروح تصعد إلى الأعلى، فإننا نجعلها تناسخ في جسد أفضل، والذي ينقل الروح إلى الأعلى هو النار، فكأن الروح تنتقل مع النار أو مع دخانه، فيحرقون الجسد نتيجةً لذلك.
ويقولون: إن الإنسان عندما يموت تنفصل روحه عن جسده، لكنها تبقى بجانب الجسد، ويبقى في الجسد قليل من الروح، فإذا أحرق فإن الروح الباقية في الجسد مع الروح التي بجانب الجسد تجتمع مع بعض، ثم تصعد مع لهب النار، ثم مع دخان النار، ثم تسبح في الهواء لتتحد فيما بعد مع جسد أفضل، فكأنك بالإحراق تساعد هذه الروح للاتحاد أو للتناسخ في جسد أفضل.
هذا هو السبب الأساسي، وهناك أسباب كثيرة جداً فيما يرتبط بهذه القضية.
ونذكر نموذجاً من كلامهم حول مسائل التناسخ بالنسبة لهم.
يقولون: وعليه أن يتبصر بتناسخ الناس الذين يعودون إلى هذا العالم، بسبب ما ارتكبوه من آثام، وليتصور ما يقاسونه من عذاب الجحيم وما يلحق بهم من الآلام في عالم اليم -عالم من عوالم العذاب بالنسبة لهم- يقول: ويرتكب بخروج أرواحهم بولادات في أرحام مختلفة عشرة آلاف مليون مرة، هذا نص، وهناك نص آخر: واحد وعشرين ألف مليون مرة، وهناك نص آخر: واحد وعشرين ألف مرة فقط، لكن في الرواية الأولى: عشرة آلاف مليون مرة يتكرر الإنسان قبل أن يصل إلى العلو أو يصل إلى السفل.
نص آخر: يقولون: إن من يستعمل حب السمسم في غير الطعام بغير الزيت وبغير الدلك -يعني: التنظيف- فإن هذا الإنسان يولد مرة ثانية دودة ويزرق في خرء الكلاب مع آبائه وأجداده!! حتى الآباء والأجداد يقعون في هذه المصيبة وهم لم يفعلوا شيئاً!! إذاً: قضية التناسخ فيها قضايا مضحكة للغاية.
وهذا نص آخر يقول: إن قاتل البرهمن -يعني: للبرهمي- يخلق في رحم كلبة أو خنزيرة أو أتان أو ناقة أو بقرة أو عنزة أو نعجة أو غزالة أو طير، أي: من قتل البرهمي فجزاؤه مباشرة أن يتحول إلى حيوان.
ونص آخر يقول: يغدو المرء جزاء أعماله السيئة التي ارتكبها بجسمه في خلقته الثانية جماداً، والتي ارتكبها بلسانه طيراً أو حيواناً، وينحط إلى الفرق السافلة إلى آخر ذلك.
إذاً: هذه النصوص توضح لنا قضية التناسخ بالنسبة لهم، وأن عقيدة التناسخ تمثل الجزاء، فهم لا يؤمنون ببعث ولا نشور ولا حياة بعد الموت ولا غير ذلك، إنما الإنسان في هذه الحياة إذا مات فإنه سيعود مرة أخرى وثالثة ورابعة ومليون وعشرة ملايين وألف مليون مرة، وهكذا إلى الأبد بالنسبة لهم، وهذا نابع من أنهم أخذوا القضية من واقع عقائد بشرية موضوعة.
ومن أغرب الأمور في هذه المسألة أن هؤلاء الهندوس يتفاوتون تفاوتاً كبيراً جداً فيما يرتبط بتناسخ الأرواح، فلا تكاد تجد تجمعاً للهندوس إلا ولهم رأي يختلف عن الآخرين في تناسخ الأرواح، وهذا نابع من أن القضية بشرية، كل واحد يضع من عنده ما شاء ويقرره على بني جلدته، ويترتب على ذلك نشوء هذه العقائد، وهذا يبين لنا أننا في نعمة لابد أن نشكرها، وهي العلم الذي أقامه الله سبحانه وتعالى فيما يرتبط بمعرفة جزاء الأعمال في الدنيا وجزائها في الآخرة وغير ذلك، هذا العلم أعطانا إدراكاً كاملاً بكل ما يرتبط بالموت وما بعد الموت، فهؤلاء الهندوس يعيشون في بلبلة عجيبة جداً، وهذه البلبلة أوجدت الإلحاد بشكل غريب عندهم، فالهندوس الآن كثر عندهم الإلحاد؛ نتيجة لدخول العلم من جميع النواحي، فمنهم من ليس بمقتنع بديانته وليس هناك البديل، وبالتالي انتشر بينهم الإلحاد، وهذا طبعاً دلالة على سمو الإسلام ورسوخه مقابل هذه الديانات، التي بأدنى التفاتة من هنا ومن هنا لديانات أخرى أو لمسائل أخرى تجعل صاحبها ملحداً.
من ضمن الأسباب التي تجعل الناس يحرقون موتاهم قضية إرضاء أغنى الذي هو إله النار حيث تحرق الأجساد.
وكذلك من الأسباب: أن فيها شياطين؛ ليتخلص الشياطين منها وتموت الشياطين عن طريق الحرق وغير ذلك.