للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[السبب الخامس من الأسباب المؤدية إلى حسن الخاتمة الكسب الحلال]

من الأسباب المؤدية إلى حسن الخاتمة: الكسب الحلال، هذه القضية للأسف الشديد لم تلقَ منا أي اعتبار، ولعل الدخول فيها قد يؤدي إلى أخذ كثير من الوقت، لكني أحصرها في جانبين اثنين: الجانب الأول: جانب التنمية المالية للأموال الموجودة لدينا.

الجانب الثاني: هو ما يرتبط بأكلنا وشربنا.

أما الجانب الأول فيما يرتبط بالتنمية المالية: كلنا يسعى إلى الحصول على المال، وكلنا يتمنى أن يزداد هذا المال ويتكاثر وينمو، ليصرفه في مجالات الخير، هذا الهدف موجود لدينا جميعاً في تنمية أموال، لكن ما هو السبيل وما هو الطريق إلى تنمية المال؟ هذا الطريق وهذا السبيل هو الذي ضل فيه الكثير من الناس للأسف الشديد، فبدءوا يضعون الأموال في البنوك الربوية وتدر عليهم بالأرباح الربوية، وتزداد الأموال بهذه الطريقة وبهذه الكيفية، فيغذي جسده بمال حرام، ويترتب على ذلك وللأسف الشديد أن النار ستكون قريبة منه؛ لأنه ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أيما جسد نبت من سحت فالنار أولى به).

نحن ندعم البنوك الربوية بأموالنا لماذا يا ترى؟ لنفترض أن لدينا في هذه الحارة أحد البنوك الربوية، ولنفترض أنه البنك الأمريكي، هذا البنك يقوم بأموالنا ويعمل بأموالنا، فلو سحبنا جميعاً هذه الأموال منه وجعلناه قاعاً صفصفاً فإنه سيغلق أبوابه، وسيجر أذيال الخيبة باحثاً عن مكان آخر.

إذاً: نحن الذين ندعم ونشجع هذه البنوك الربوية، قد يقول قائل: أنا لا آخذ الربا، أنا أعطي أموالي ولا آخذ عليها ربا، نقول: وأنت كذلك قد أحييت هذا البنك؛ لأنك وضعت المال فيه، وجعلت التعاون على الإثم والعدوان هو الماثل أمامك؛ لأنك دعمته وأيدته وشجعته بهذه الكيفية وهذه الطريق.

إذاً: لابد أن يكون في ذهن كل منا منهج وطريق، وهو ألا تدعم هذه البنوك، وألا يساهم فيها، وألا يضع المرء المسلم ماله فيها، حتى تغلق هذه البنوك أبوابها، ثم بعد ذلك ننشئ بقدراتنا بنوكاً إسلامية، ونسأل الله أن يفك قيد هذه البنوك الإسلامية وتفتح.

أما الجانب الآخر: فهو جانب الأكل والشرب، نحن لا نلقي بالاً ماذا نأكل؟ وماذا نشرب؟ فقضية أكل الحلال والبحث عنه والابتعاد عن الحرام وتركه هذا الجانب لم نلقِ له بالاً، ولعلكم تعرفون الحديث ولو أن فيه ضعفاً، ولكنه معتضد بأحاديث أخرى، عندما طلب سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يكون مجاب الدعوة، فقال له عليه الصلاة والسلام: (أطب مطعمك تكن مجاب الدعوة)، فهل أطبنا المطعم يا ترى، أم أننا نأكل مما شئنا، ونبحث عن أي شيء لنأكله بدون النظر هل هذا من حلال أم من حرام؟! وهذا عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، ذلك الرجل العظيم الذي بنى للإسلام ذروة ومجداً ومكانة، هذا الرجل طلب من أحد خدامه أن يأتي له بلبن من إبله الخاصة، فذهب الخادم ولم يجد نياقه الخاصة، فوجد ناقة من إبل الصدقة فحلب منها، ثم أعطاه لـ عمر، فشرب منه شربة واحدة، ولكن نفسه عافته، فقال له: من أين جئت بهذا اللبن؟ قال: من إبل الصدقة، فحاول وبذل جهداً حتى استقاء ذلك اللبن الذي شربه؛ لأنه لا يريد أن ينمو جسده من حرام، مع العلم أن لـ عمر عذراً في ذلك؛ باعتبار أنه لا يعلم، فكيف بمن يعلم وبمن يعرف؟!

<<  <  ج: ص:  >  >>