[المرأة التي يريدها الإسلام]
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد الأمين، وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه واقتفى أثره إلى يوم الدين.
أما بعد: فأرحب بكم في هذه الليلة الطيبة المباركة، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل اجتماعنا اجتماعاً مرحوماً، وتفرقنا من بعده تفرقاً معصوماً، وألا يجعل من بيننا شقياً ولا محروماً.
أيها الإخوة الأحباب! إن الحديث عن المرأة ذو شجون، والحديث عن قضايا المرأة يجر بعضه بعضاً، إن هذه القضية من القضايا التي لم تطرق الطرق السليم، وإن طرقت فطرق قليل لا يفي بالغرض.
كثيراً ما يسأل الإخوة عن أشرطة تهم المرأة توزع على النساء في الزيارات واللقاءات والأعراس، لكنهم لا يجدون إلا أقل القليل، ولعل هذا نابع من قصور من أطراف مشتركة، وكل يتحمل عبء هذا القصور.
وأنا بدوري أشكر الإخوة القائمين على هذا المسجد؛ لاهتمامهم بهذا الأمر والتركيز على هذه القضية، فلعلهم ألقوا بعض التبعة عن كواهلهم، نتيجة لترتيبهم لهذه الحلقة الطيبة المباركة.
إن الحديث عن المرأة الداعية يحتاج إلى جلسات وجلسات، يحتاج إلى رجوع إلى مراجع متعددة؛ ليعرف الإنسان من خلالها من هي المرأة؟ وكيف تدعو إلى الله سبحانه وتعالى؟ ولكن وللأسف الشديد فكما أن القصور موجود في الأشرطة كذلك هو موجود في الكتب، فمن النادر أن تجد كتباً تتحدث عن هذا الموضوع وتطرق هذا الموضوع، وإن وجدت فهي قليلة، وبالتالي فلعل هذا الأمر أو هذه الحلقة تسهم ولو بشيء قليل في حل بعض هذا القصور.
إن المرأة التي نريد أن نتحدث عنها في هذا اللقاء هي المرأة التي التزمت بدين الله سبحانه وتعالى، وهي المرأة التي استقامت على فطرة الله سبحانه وتعالى، وهي المرأة التي اختطت لنفسها خطاً خطه لها المصطفى صلى الله عليه وسلم، فسارت في طريقه ولم تحد عنه قيد أنملة، فهذه المرأة هي مدار الحديث في هذا اليوم، وهي مدار الكلام في هذا اللقاء، وقد ذكرني بعض الإخوة بموضوع حالة المرأة قبل الإسلام، تلكم المرأة التي كانت تعامل معاملة أقل من كثير من الجمادات.
فلقد كانت تعامل عند اليونان وعند الرومان على أنها أثاث يباع ويشترى، وعلى أنها مهدورة الدم، وعلى أنها لا تملك لنفسها شيئاً، وعلى أنها مجرد خلق للاستمتاع فقط.
وعندما جاءت النصرانية المحرفة رأت أن المرأة شيطان أو أن الشيطان قد تلبس بها، وبالتالي فهم يكرهونها ويتأذون منها ولا يقتربون منها، وكلما أراد الإنسان أن يتقرب إلى الله فلابد له أن يبتعد عن المرأة، ولذلك يعتبرون القساوسة والرهبان هم أقرب الناس إلى الله سبحانه وتعالى؛ لأنهم ابتعدوا عن المرأة.
هذه مكانة المرأة عند النصارى، وإذا انتقلنا إلى الجانب الجاهلي جانب المشركين الذين كانوا يعيشون قبيل بعثة المصطفى صلى الله عليه وسلم، لرأينا كيف تعامل المرأة عندهم.
لقد كانت المرأة في وقت الجاهلية مهانة لدرجة غريبة، سواء كانت طفلة أو شابة أو كبيرة في السن، فالطفلة توأد وتدفن في التراب وهي حية؛ خوف العار والفقر وأشياء أخرى، وإذا كبرت تمتع بها من يأخذها، ثم عندما تبلغ من السن مبلغه فإنه لا يلقى لها بالاً.
بل كانت تورث كما يورث المتاع، فالأخ إذا مات أخذ أخوه كل ما يتعلق به حتى إنه يأخذ زوجته فيكون مختصاً بها، فإن أرادها له زوجة وإلا تركها حرة طليقة، لكن عندما جاء الإسلام رفع من شأن المرأة، وجعلها مساوية للرجل في كثير من النواحي وفي كثير من المسائل، بل وجعلها مساوية للرجل في أهم مسألة وهي مسألة التكليف، فإن هذه المرأة إن اتبعت طريق الإسلام وسارت على طريق الحق، فإن لها ما للرجل وعليها ما على الرجل، هذا هو حال المرأة في الإسلام.
وعندما نتحدث عن هذه المرأة، فإننا نتحدث عنها من خلال منطلق واحد أعدها الإسلام لتسير عليه، وهو الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى.
إن المرأة داعية، ولا يمكن أن توجد امرأة إلا وهي داعية أياً كانت هذه المرأة، فإن المرأة إما أن تدعو إلى خير أو تدعو إلى شر.