[الكتب المقدسة عند اليهود]
الكتب المقدسة عند اليهود تتمثل في كتابين اثنين: الكتاب الأول هو العهد القديم، والكتاب الثاني هو التلمود.
والكتاب الموجود عند النصارى ينقسم إلى قسمين: العهد القديم، ويشمل التوراة وأسفار الأنبياء، والعهد الجديد خاص بالنصارى ويشمل الأناجيل الأربعة وأعمال الرسل.
أما العهد القديم فهو الذي يختص باليهود، فاليهود لا يؤمنون بالعهد الجديد؛ لأنهم لا يؤمنون أصلاً بعيسى، فالعهد القديم يتكون من شقين: الشق الصغير هو التوراة، وهي التي أنزلت على موسى، والشق الأعظم والأكبر هو أسفار الأنبياء.
أما التوراة فتنقسم إلى خمسة أقسام: سفر التكوين، ويتحدث عن تكوين الخليقة إلى وفاة يوسف عليه السلام، وسفر الخروج ويتحدث من عهد يوسف إلى خروج موسى من مصر، وسفر الأحبار أو اللاويين وهو سفر فقهي، وسفر العدد وهو سفر تاريخي يذكر أخبار بني إسرائيل بالعدد، وسفر التثنية يذكر أحكاماً تفصيلة لم تذكر أو لم يشر إليها في سفر الأحبار لكن الناظر في التوراة سيجد فيها نقاط من التحريف لا حصر لها وهي عجيبة جداً بل ومضحكة، بل ومن تمعن فيها من نفس القوم علم أنها محرّفة، وأنها مغيّرة تغييراً جذرياً أو كلياً.
أما أسفار الأنبياء فهي الأكبر؛ وهي الوحي الذي يقولون: إنه أنزل على الأنبياء من بعد موسى إلى وقت عيسى، وتنقسم إلى ثلاثة أقسام: تاريخ ويشمل -مثلاً- سفر الملوك الأول، وسفر الملوك الثاني، والثالث، والرابع، وسفر أخبار الأيام الأول، وسفر أخبار الأيام الثاني، وأخبار الأيام الثالث، وأخبار الأيام الرابع، وسفر القضاة كلها أخبار تاريخية، وكأنك تأتي بكتاب البداية والنهاية وتضمه مع القرآن، وتقول: هذا الكتاب المقدس، فهي أخبار تاريخية تتحدث عن المعارك وما الذي حصل فيها؟ ومن قتل فيها؟ وكيف قتلوا؟ وكم عدد الذين قتلوا؟ وكيف كانت الحرب؟ وسفر القضاة يتحدث عن القاضي فلان، وكيف حكم؟ وماذا حكم؟ وما القضايا التي حكم فيها؟ أما النوع الثاني فهي أسفار تشريع، والنوع الثالث أسفار نبوءات.
أما أسفار التشريع فبعضها مثل سفر يوشع بن نون الذي جاء من بعد موسى، وسفر المزامير وهو سفر الزبور، وسفر كتاب سليمان عليه السلام، لكن بعضها غريب جداً، كسفر الأمثال، فقد جمّعوا فيه كل الأمثال الموجودة عند اليهود وضموها إلى الكتاب المقدس، وأعطوه طابع القدسية، وهناك سفر اسمه سفر الإنشاد وهو أناشيد، فمثلاً ينشد الأطفال أيام الأعياد وأيام الأفراح، فهم أتوا بالأناشيد وأعطوها طابع القدسية.
فتلحظ الآن كتاباً مقدّساً، لكن إذا تمعنت فيه ستجد العجب! بل والأعجب من ذلك كله سفر يسمى سفر أستير، وأستير هذه امرأة كانت بغياً، وكانت متميزة بجمالها وذكائها، وكانت من سبي بابل، أو من النساء اللاتي ولدن في بابل بعد سبي بختنصر ليهود فلسطين؛ هذه المرأة أحبها أحد ملوك العراق، فملكت عليه قلبه وشغفت لبه حتى توصل الأمر في النهاية إلى أن أطلق يد اليهود في مقدرات الحكومة في ذاك الزمان، فبدل أن كانوا في الذلة صاروا في العزة والملك، وفُتح لهم المجال للرجوع إلى فلسطين، لذلك قدّس اليهود هذه المرأة؛ وهذا أمر قد لا يلامون فيه، لكن الغريب في التقديس ليس هذا، الغريب أنهم ركزوا على حياتها الخاصة مع الملك، فكانوا يذكرون قصصاً غرامية ووقائع فراشية متعلقة بفراش الملك، وأمور يندى الجبين عندما يذكرها الشخص أمام أولاده، ولذلك قال أحمد ديدات عندما حدّث جيم سويدرت قال له: إن في كتابكم لقصصاً ولكلاماً مقدساً أستحي أن أقرأه على بناتي، فاستغرب سويدرت هذا وقال: أين هذا؟ قال: اقرأ رقم كذا وكذا وكذا! من سفر أستير، فطأطأ سويدرت رأسه وأقر بالهزيمة في هذا الموقف بالذات.
أما القسم الثالث فهو النبوءات، والنبوءات أيها الأحبة هي نبوءات مستقبلية، ولكن اليهود كانوا حريصين حرصاً شديداً على هذه النبوءات، فاستطاعوا حذف كل ما يتعلق منها بالمسلمين؛ لأنها تنبئ اليهود ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم، لكن النبوءات نوعان: هناك نبوءات صريحة، وهذه الصريحة حُذفت، وهناك نبوءات ليست بصريحة، من ذلك نبوءة في سفر أشعيا، تقول هذه النبوءة: إن نور الله شع من سيناء، وظهر من ساعير، وعمّ الأرض من فاران.
فهم لا يعرفون ما فاران هذه! فعندما جاء من يشرح الكتاب المقدس بيّن أن فاران هذه هي جبال مكة، وساعير هي الناصرة التي كان يسكنها عيسى عليه السلام، وسيناء معروفة؛ إذاً نور الله أي وحي الله، ظهر في سيناء ببعثة موسى، وشعّ ببعثة عيسى في الناصرة، وعمّ الأرض ببعثة محمد في جبال مكة، فلو كانوا يعلمون تفسير ذلك لحذفوه، لكنهم لا يعلمون.
ومن أشهر هذه النبوءات نبوءة حزقيال ونبوءة دانيال، ونبوءة أشعيا، ونبوءة أرميا، وبعض هذه النبوءات من تمعن فيها رأى فيها دلالات على نبوءة الرسول صلى الله عليه وسلم.
أما الكتاب المشهور الثاني عندهم فهو التلمود، والتلمود ظهر وأنشئ قريباً من سنة (٢٠٠ ميلادية)، وأول من أبرزه رجل يُدعى يهوداهانتي، وهو أول من بدأ في تأليفه، وهو عبارة عن كلام علماء اليهود، فكلام علماء اليهود وحاخاماتهم هو أصل التلمود، ثم بعد ذلك بدءوا يأخذون هذا الكلام ويشرحونه ويطورونه ويكبرونه حتى وصل الأمر إلى أن يكون اثني عشر مجلداً من النوع الكبير جداً، وأعطوا هذا الكتاب طابع القدسية التي سطروها على صفحة الكتاب الأولى بقولهم: إن كلام الحاخامات لا يمكن أن ينقض ولو بأمر من الله! بمعنى أن هذا الكلام يأخذ طابع القدسية! ولذلك فاليهود يقدسون التلمود أكثر من التوراة.
والتلمود الآن سري لا يمكن أن تطلع عليه، فلا يوجد منه إلا نسخ بسيطة جداً في مكتبات مشهورة في العالم، هذه المكتبات عليها حراسة، أو بمعنى أدق في غرف مغلقة كأنها خزائن ذهب؛ لأنه يحتوي -أي: التلمود- على نصوص تُعادي النصارى بالذات، وتعادي المسلمين بطريقة غير مباشرة، بمعنى: أن من خالف اليهود يُفعل به ويُفعل، أما النصارى فيخاطبونهم بالاسم وبالنص، ولذلك يخاف اليهود من إظهاره حتى لا ينقلب عليهم النصارى، فيكتسب طابع السرية المطلقة.