[عقائد السيخ]
عقائد السيخ: أولاً: نريد أن نتعرض لعقيدتهم في الإلهيات والنبوات والسمعيات: أما عقيدتهم في الإلهيات: فإن ناناك أول ما جاء للناس معلناً العقيدة الجديدة كان قد تأثر تأثراً قوياً بعقيدة المسلمين، بل وأحب عقيدة المسلمين، وفي نفس الوقت كان هناك ارتباط قوي وجذور راسخة في العقيدة الهندوسية من قبله؛ لأنه نشأ وترعرع فيها، فوجد هناك نوع من الإشكال؛ فهو لا يستطيع أن يقطع هذه الجذور عن العقيدة الهندوسية، ولا يستطيع أن يرتبط بالهندوسية تماماً، فأراد أن يوفق بين الهندوس والمسلمين فأخذ من هذا قليلاً ومن هذا قليلاً بحسب قناعاته هو، وليست القضية قضية وحي وإنما بحسب قناعات معينة، فرأى -مثلاً- أن الهندوس يعبدون الأصنام فما أعجبته قضية عبادة الأصنام، وأن قضية التوحيد وعبادة إله واحد هي الأصل، وبالتالي أصل عقيدة التوحيد عند أتباعه، فالسيخ يوحدون الإله ولا يعبدون إلا إلهاً واحداً بخلاف الهندوس، مع وجود اختلاف في مسألة: من هو هذا الإله الذي يعبد؟ وما هي صفة الإله الذي يعبد؟ لكن في الجملة هم أخذوا من المسلمين هذه القضية ووجهوا العبادة لإله واحد فقط لا غير.
إذاً: فعندهم مبدأ التوحيد مع وجود بعض التداخلات في مسألة عبادة بعض الأصنام لا لأنها أصنام تشارك الإله الأول في العبادة، بل لأنها نائبة عن الإله الأول عند بعض تجمعات السيخ، هذا من ناحية ما يرتبط بقضية الإلهيات.
كذلك يكرهون أو يحرمون أي شيء يؤدي إلى عبادة الأوثان، ومن أبرز ذلك قضية تصوير التماثيل، وبالتالي تجد أن معابدهم لا تحتوي على تماثيل بأي حال من الأحوال، ويمنعون ذلك منعاً باتاً؛ لأنها تؤدي إلى أن تعبد هذه التماثيل من دون الإله الذي وحدوه.
أما عقائدهم في النبوات فيقولون: إن المعلم -وهو الإمام- هو النائب عن الرب، وبالتالي فلا بد من أن تؤخذ أقوال هذا المعلم على أنها أقوال مقدسة، وهذا المعلم روحه العلمية ليست الروح المعروفة، والعلم الذي في روحه ينتقل بعد وفاته إلى المعلم الذي يليه وهكذا بالتدرج، فيكون المعلم الأول مثلاً يحمل كمية معينة من العلم، والذي يليه يحمل ما عنده من علم مع ما عند سابقة وهكذا؛ فكل معلم يكون أحسن من سابقه لاحتوائه على مجموعة من الأرواح العلمية التي انتقلت إليه من المعلمين السابقين، فهذا المعلم يعد بمثابة النبي بالنسبة لهم، ويقدسونه تقديساً عجيباً، ويحترمونه احتراماً غريباً، وأقواله مطاعة في كل حال وفي كل وقت وفي كل زمان.
أما بالنسبة لإيمانهم بالسمعيات أو اليوم الآخر فهم يؤمنون بالآخرة، ويؤمنون بالقيامة، ويرفضون مبدأ تناسخ الأرواح الموجود عند الهندوس، فيقولون: إن الرجل إذا مات فإن روحه تنتقل مباشرة إلى عالم معين، ثم بعد ذلك ترد في يوم آخر ليحاسب ويلقى جزاء أعماله، فالمسألة بالنسبة لهم مأخوذة من المسلمين تماماً بدون أي إشكال في عقائدهم.
أما قضية الطبقية فهم يرفضون المبدأ الطبقي الموجود عند الهندوس، لكن مع توالي الوقت ومع كثرة دخول الناس في دينهم وخاصة المنبوذين من الهندوس وجدوا أن القضية فيها نوع من التداخل الطبقي، فلم يعجبهم هذا، فأصلوا مبدأ الطبقية لكنها طبقية ليست شديدة جداً كما هي عند الهندوس؛ فعندهم طبقات: الجات، وهم القبائل المعروفة والمشهورة، والمذهبيين وهم طبقة المنبوذين، ولكنهم لا يحتقرون الطبقة الصغرى طبقة المذهبيين؛ لا يحتقرونها ويذلونها، ولكنهم يرون أنهم أقل مستوى منهم كما هو موجود عند بعض الجهلة من المسلمين؛ باعتبار أن هذه طبقة معينة وهناك طبقات أقل منهم.
وأما كون مثلاً من علم برهمياً قطع لسانه، ومن ذكر برهمياً باسمه المجرد صب في أذنيه الرصاص وغير ذلك فهذا ليس بموجود عند السيخ.
كذلك من عقائدهم أنهم لا يتزوجون إلا بزوجة واحدة كما سبق.
وأما بالنسبة لأعيادهم فإنهم يرون أن أعيادهم لا بد أن تكون مخالفة لأعياد الهندوس، فاخترعوا لأنفسهم أعياداً جديدة، وهي عيد ميلاد ناناك ووفاته، وعيد ميلاد روبنت وعيد استشهاده كما يقولون، فهي في استشهاد أو ولادة بعض الأئمة المشهورين بالنسبة لهم، هذه هي مجمل الأعياد عند السيخ.
ولهم عدة كتب مقدسة ومن أبرز كتبهم المقدسة: كتاب غورجرانت، وهذا الكتاب عبارة عن مجموعة من الأناشيد أسسها وألفها المعلمون أو الأئمة الذين توالوا على هؤلاء، وهي عبارة عن ستة آلاف نشيد ألفت وجمعت في مجموعة كتب، وتعتبر الكتاب الأول بالنسبة لهم.
وكذلك عندهم كتاب يسمى: راحة ماما، وهو عبارة عن كتاب تقاليد وآداب أسسها أئمتهم، وهي تقاليد مرتبطة بالزواج، وبالوفاة، وبمواليد الأطفال، وبتعميدهم، والأحوال الشخصية إلى آخره، وهذا الكتاب مقدس بالنسبة لهم.
وعندهم كتاب مقدس وهو المشهور لكنهم يختلفون في اسمه، وهذا الكتاب ينسبونه إلى ناناك وهو ليس بسليم لا ينسب، لكنه ينسب إلى هؤلاء المشهورين الذين جاءوا بعد ناناك، ويقولون: إنه هو الكتاب الذي أوحى به الرب إلى ناناك، وهو عبارة عن آيات قرآنية ونصوص من الفيدا، وكلام لـ ناناك نفسه، وقصص وغير ذلك جمعت وألفت وأخرجت على أنها إنجيل خاص بالسيخ، ولا يسمونه إنجيلاً بل يسمونه الكتاب المقدس، لكنه عبارة عن كتاب جمعت فيه نصوص شرعية وغير شرعية من أماكن مختلفة.
ومن ضمن عقائدهم أداؤهم للفرائض كالصلاة والصيام وغيرها، فعبادتهم في الجملة فيها نوع من التقليد للمسلمين ونوع من التقليد للهندوس؛ لأنهم أخذوا من الديانتين، فتجدهم يصومون عدداً معيناً من الأيام في فترة معينة من السنة، فـ ناناك أصل مبدأ الصيام لكنه يخالف المسلمين ولا يريد أن يوافقهم في صيام رمضان، ويوافقهم في أن الصيام تربية، فأخذ بالصيام لفترة معينة.
وكذلك وافق المسلمين في الصلاة، لكنه لا يريد أن يشابههم، فأصل لأتباعه مبدأ الصلاة بدون سجود، فتجدهم يكبرون وينشدون أناشيد معينة، ويقرءون من كتابهم المقدس، ثم يشيرون برءوسهم ويركعون، ثم ينتهون من الصلاة بهذه الكيفية، وينشئون معابد شبيهة بالمساجد لكن ليس فيها محاريب، ومن أشهرها المعبد الذهبي في أمر ستار الذي حصلت له قصة سنذكرها فيما يأتي.