أما النفاق العملي: هو العمل الذي يعمله الإنسان بظاهره، كما ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال:(أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً، ومن كان فيه واحدة منهن كان فيه شعبة من نفاق: إذا حدث كذب، وإذا اؤتمن خان، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر) ذكر منها قضية الأمانة، وقضية الوفاء بالعهد، وقضية الكذب، وغيرها من القضايا.
هذه القضايا بمجموعها قضايا لا يتصف بها إلا من كان إيمانه ضعيفاً، وبالتالي لا يهمه أن تكتب عليه سيئات، أو يكون كاذباً أو يكون فاجراً أو يكون غداراً أو لا يهمه، فإن قلت: فإذا تكرر منه هذا وهذا وهذا وهذا؟ قال ابن تيمية رحمه الله: إن هذه منافية لكمال الإيمان الواجب، لكن إذا تجمعت وتأصلت في القلب، فإنها تطرد الإيمان بالكلية، ولذلك كما قال المصطفى عليه السلام:(من كن فيه كان منافقاً خالصاً) أي: خرج من الإسلام وصار منافقاً وليس بمسلم، حتى وإن صلى وإن صام وإن زعم أنه مسلم.
ومن نماذجها أيضاً كراهية الجهاد، فالمنافق لا يحب الجهاد ولا يتمناه، أما المسلم فإنه يطبق حديث الرسول صلى الله عليه وسلم:(من لم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من نفاق).
وكذلك الكسل عن القيام بأداء الصلاة، فتجده في فراشه يتململ ويتكاسل، لكن لو دعي إلى وليمة أو دعي إلى أمر مفرح أو غير ذلك، فإنك تجده كالحصان في الذهاب إلى هذا العمل، أما في الصلاة فلا، فالتكاسل عن أداء الصلاة هذا يعد شعبة من شعب النفاق.
وكذلك عدم ذكر الله سبحانه وتعالى إلا أقل القليل، أو في أقل القليل إما مجاملة أو أمام آخرين، فهذا يعد كذلك من النفاق العملي الذي لا يخرج من الملة في الأصل، ولا يعامل صاحبه معاملة رجل قد خرج من الملة يستحل دمه إذا ثبت عليه هذا النفاق، لكن إذا توافرت فيه هذه الصفات فقد يخرج من رفقة الإسلام.