للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جُعشم فقال: يا رسول الله، ألعامنا هذا أم لأبد؟ فشبك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصابعه واحدة في الأخرى وقال: دخلت العمرة في الحج -مرتين- لا، بل لأبدٍ أبدٍ. وقدم علي -رضي الله عنه- من اليمن ببُدن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوجد فاطمة -رضي الله عنها- ممن حل، ولبست ثيابًا صبيغاً، واكتحلت، فأنكر ذلك عليها، فقالت: أبي أمرني بهذا. قال: فكان علي يقول. بالعراق: فذهبت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - محرشًا (١) على فاطمة للذي صنعت مستفتياً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما ذَكَرَتْ عنه، فأخبرته أني أنكرت ذلك عليها. فقال: صدقتْ صدقتْ، ماذا قلت حين فرضت الحج؟ قال: قلت: اللَّهم إني أهل بما أهل به رسولك. قال: فإن معي الهدي فلا تحل. قال: فكان جماعة الهدي الذي قدم به عليٌّ من اليمن والذي أتى به النبي - صلى الله عليه وسلم - مائة، قال: فحل الناس كلهم وقصروا (٢) إلا النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن كان معه هدي، فلما كان يوم التروية توجهوا إلى مني فأهلوا بالحج، وركب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ثم مكث قليلاً حتى طلعت الشمس وأمر بقبة من شعر تضرب له بنمرة، فسار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام كما كانت قريش تصنع في الجاهلية، فأجاز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أتى عرفة، فوجد القبة قد ضربت له بنمرة، فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له، فأتى بطن الوادي فخطب الناس، وقال: إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن


(١) التحريش: الإغراء، والمراد هنا أن يذكر له ما يقتضي عتابها. شرح مسلم (٥/ ٣٠٦).
(٢) قال النووي في شرح مسلم (٥/ ٣٠٦): إنما قصروا ولم يحلقوا مع أن الحلق أفضل لأنهم أرادوا أن يبقى شعر يُحلق في الحج، فلو حلقوا لم يبق شعر فكان التقصير هنا أحسن؛ ليحصل في النسكين إزالة شعر، واللَّه أ

<<  <  ج: ص:  >  >>