[الفصل الثالث منهج الحافظ الضياء في كتاب "الأحكام"]
من خلال استقراء كتاب "الأحكام" يمكن رسم المعالم الرئيسية لمنهج الحافظ الضياء كالتالي:
ألَّف الحافظ الضياء هذا الكتاب بناءً على رغبة أبناء زمانه وتكرار سؤالهم له؛ كما قال في مقدمة الكتاب:"أما بعد، فقد سُئلت غير مرة من أجل جمع أحاديث السنن والأحكام بغير إسنادٍ؛ لأجل الحفظ والمعرفة، والإشارة إلى من رواها من الأئمة الأعلام".
بدأ الضياء كتابه بمقدمة وجيزة أثنى فيها على الله بما هو أهله، ثم شهد للَّه سبحانه بالوحدانية، وشهد لرسوله - صلى الله عليه وسلم - بالرسالة والاصطفاء على جميع الأنام، وصلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وصحبه صلاة دائمة من غير انقطاع ولا انعدام، ثم بيَّن الداعي إلى تأليف الكتاب، ثم أشار إلى بعض الخطوط العريضة في منهج تأليفه للكتاب، ثم ختمها باستمداد العون من الله تعالى، وسأل الله أن يجعله خالصًا وأن ينفع به؛ فقال:"وبالله التوفيق والعون، وأسأل الله تعالى أن يجعل ذلك خالصًا لوجهه، وأن ينفعنا به ومن كتبه أو سمعه أو قرأه أو نظر فيه بفضله وكرمه؛ إنه على كل شيء قدير، وهو حسبنا ونعم الوكيل".
انتقى الحافظ الضياء لكتابه من الأحاديث النبوية ألوفًا -انتقاء حافظ جهبذ واسع الاطلاع، وفقيه بارع محيط بالأحكام- من كتب الأئمة المشهورين والحافظ المصنفين كـ: الإمام أحمد، والبخاري، ومسلم، وأبي داود، والدارقطني، والبيهقي، وغيرهم -سيأتي بيانهم في الفصل التالي.
لم يرد الحافظ الضياء استقصاء أحاديث الأحكام، بل في كتاب "الأحاديث المختارة" أحاديث كثيرة في الأحكام لم يذكرها الحافظ الضياء في كتاب "الأحكام"، والله أعلم.