الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فإن كتب أحاديث الأحكام الشرعية لا تخفى أهميتها وشدة الحاجة إليها، حيث قام مؤلفوها بجمع أحاديثها من مصادرها الأصلية التي كانت متوافرة في عصر كل منهم، ومن أكثرها فائدة المؤلفات التي لم يقتصر مؤلفوها على أحاديث صحيحي البخاري ومسلم أو أحدهما، بل أضافوا إلى ذلك ما ذكر في غير الصحيحين مما اشترط مؤلفه الصحة كابن خزيمة وابن حبان والحاكم، وغير ذلك من المستخرجات والسنن والمسانيد وكتب علل الحديث والرجال وغيرها.
وبذلك اشتملت تلك المؤلفات على ما تفرق في غيرها من أدلة العقائد والأحكام الشرعية.
ومن هذه المؤلفات كتاب "السنن والأحكام عن المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام" لمؤلفه الحافظ ضياء الدين أبي عبد الله محمد بن عبد الواحد المقدسي المتوفى سنة ٦٤٣ هـ، الذي أقدمه لطلاب العلم والراغبين في معرفة أدلة السنة المطهرة للعبادات ومناشط الحياة الدنيا وجوانب الحياة الآخرة،
وقد يتميز هذا الكتاب عن غيره من المؤلفات الأخرى في أحاديث الأحكام بميزات فصلها الأخ المحقق في دراسته عن الكتاب، ومن أهمها مكانة مؤلفه العلمية ومحتوياته، فمكانة مؤلفه المعتبرة بين أئمة عصره تجعل النفس تطمئن إلى ما اشتمل عليه الكتاب، وكذلك محتوياته قيمة من حيث نصوص الروايات الحديثية والكلام على أسانيدها ورواتها ومتونها وبيان درجاتها من الصحة وغيرها