للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه نظر؛ لأن ما ذكره راجع إلى الحس أيضًا؛ لأن القرائن التي تفيد العلم الضروري مستندةٌ إلى الحس؛ ضرورةَ أنها لا تخلو عن أن تكون حالية أو مقاليةً، وهما محسوسان. وأما القرائن العقلية فهي نظرية لا محالة، فلا يتصور التواتر فيها ولا تفيد إلا عِلْمًا نظريًا، فلو أخبر الزائدون على عدد أهل التواتر بما لا يُحصى عددًا عما علموه نظرًا لم يُفِد خبرُهم عِلْمًا، وكانت طَلَبات العقل قائمةً إلى قيام البرهان (١). قال إمام الحرمين: "والسبب في ذلك أن النظر مُضْطَرَبُ العقول، ولهذا يُتصور الاختلاف فيه نفيًا وإثباتًا، فلا يستقل بجميع وجوه النظر عاقلٌ. والعقلاء ينقسمون إلى راكن في الدَّعة والهُوَيْنا مِنْ بُرَحاء (٢) كَدِّ النظر، وإلى ناظر. ثم النظار ينقسمون ويتحزبون أحزابًا لا تنضبط على أقدار (٣) القرائح في (٤) ذكائها واتقادها، وبلادتها واقتصادها. ومن أعظم أسباب اختلافهم اعتراضُ القواطع والموانع قبل استكمال النظر، فلا يتضمن إخبارُ المخبرِين في


(١) يعني: كانت مطالبة العمل قائمة إلى أن يأتي البرهان: وهو الدليل المفيد لليقين؛ لأن البرهان عند المناطقة: هو القياس المؤلف من اليقينيات. انظر: شرح القطبي على الشمسية ص ٣٥٤، إيضاح المبهم ص ١٨. وهذا الاعتراض الذي ذكره الشارح رحمه الله على كلام إمام الحرمين رحمه الله - منقولٌ من نهاية الوصول ٧/ ٢٧٣٩، وكذا ذكره الإسنوي في نهاية السول ٣/ ٨٤.
(٢) البُرَحاءُ: الشدة والمشقة. انظر: لسان العرب ٢/ ٤١٠، مادة (برح).
(٣) في (ص): "أقدام".
(٤) سقطت من (ت).

<<  <  ج: ص:  >  >>