للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُفرض مِنْ ألفٍ أو ألفين إلا والكذب منهم غيرُ مستبعد لذي العقل، بل المرجع في حصول هذا الشرط وغيرِه إلى الوُجْدان، فإن وَجَدَ السامع نفسه عالمًا بما أُخبر به على التواتر - عَلِمَ وجود هذا الشرط وغيرَه، وإلا عَلِم اختلالَه، أو اختلال غيره من الشرائط. وهذا قد تقدم ذِكْرُه، لكن من هؤلاء الجماهير مَنْ قطع في جانب النفي ولم يقطع في جانب الإثبات، فقال بعدم إفادة عددٍ مُعَيَّن له، وتوقف في بعضه (١). وهو القاضي - رضي الله عنه -، حيث قال: "أقطع بأن قول الأربعة لا يفيد العلم، وأتوقف في الخمسة" (٢).

واحتج على ذلك: بأنه لو حصل العلم بخبر أربعة صادقين - لحصل بخبر كلِّ أربعةٍ صادقين؛ لأنه لو لم يكن كذلك، مع تساوي الأحوال والقائلين والسامعين في جميع الشروط - لزم الترجيح من غير مرجِّح؛ ولأنه لو جاز ذلك لجاز أن يحصل العلم بأحد الخبرين الصادِرَيْن عن جمعٍ لا يمكن تواطؤهم على الكذب دون الآخر.

ولو حصَل العلم بخبر كل أربعة صادقين لوجب أن يستغني الحاكم فيما إذا شهد عنده أربعة: أن فلانًا زنا بفلانة - عن تزكيتهم؛ لأنهم إن


(١) يعني: مع كونه نفى أن يكون عدد الأربع فما دونه يفيد التواتر - توقف في الخمسة فما فوق.
انظر: التلخيص ٢/ ٢٨٨، ٣٠٦.
(٢) انظر: المحصول ٢/ ق ١/ ٣٧٠، نهاية الوصول ٧/ ٢٧٤١، البرهان ١/ ٥٧٠، ٥٧٣، الإحكام ٢/ ٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>