للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانوا صادقين وجب حصولُ العلم بقولهم؛ فاستغنى عن التزكية. وإن لم يحصل القطع بصدقهم وجب أن يحصل العلم بكونهم كاذبين؛ لأن الفَرْضَ أنَّ حصول العلم بالصدق من لوازم قول كلِّ أربعة صادقين، فمتى لم يحصل العلم بالصدق - فقد انتفى اللازم، وإذا انتفى اللازم انتفى الملزوم، ولا يمكن انتفاء حصول العلم؛ لانتفاء كونهم شهدوا، (ولا لكونهم) (١) أربعة؛ إذ هو خلاف الفَرْض، فتعين أن يكون لانتفاء الصدق، ومتى انتفى الصدق تعيَّن الكذب؛ إذ لا واسطة بينهما، وحينئذ لا يجب تزكيتهم أيضًا للعلم بكذبهم، فتخلوا عن الفائدة.

فوضح أنه لو أفادت الأربعة العلم - لم تجب تزكية شهود الزنا، وطَلَبُ تزكيتهم واجبٌ بإجماع الأمة، فبطل الأول.

قال: وأما الخمسة فأتوقف فيها، إذ لا يخفى عدم تأتي هذه الدلالة فيها؛ لأنه إن لم يضطر إلى العلم بصدقهم قَطعَ بعدم صدقهم، ولا يلزم من القطع بعدم صدقهم عدمُ صدق الأربعة منهم؛ لجواز أن يكون الأربعة منهم شاهدوا الزنا دون الخامس، فجاز أن تطلب تزكيتهم؛ لبقاء النصاب. وهذا بخلاف الأربعة؛ لأن كذب أحدهم مُسْقِطٌ للحجة. هذا تقرير حجة القاضي.

ونحن نقول له: إن عَنَيْتَ بقولك: "أتوقف في الخمسة" التوقُّفَ في حصول العلم بقولهم وعدم حصوله - فهو صحيح، لكن لا اختصاص لهذه (٢) الوقفة بالخمسة، بل يتأتى ذلك في الألف والألفين؛ إذ لا


(١) في (ص)، و (غ): "ولا كونهم".
(٢) سقطت من (ص).

<<  <  ج: ص:  >  >>