الصحيحين، فراعى الحافظ الضياء -رحمه الله- قوة الأسانيد وقوة الدلالة في ترتيب أحاديث الباب الواحد، واللَّه أعلم.
بعد أن يبوب الضياء الباب المناسب للحديث ينقل الحديث من كتب الأصول بغير إسناد -كما ذكر في مقدمة كتابه- محافظًا محافظة دقيقة على لفظ الحديث، فإن تصرف فيه باختصار أو نحوه ذكر ذلك، ثم يعزو الحديث إلى الأصل الذي نقله منه، فإن عزا الحديث لأكثر من كتاب نبَّه على أن هذا لفظ فلان في الغالب وربما نبَّه على اختلاف الألفاظ كما قال في مقدمة الكتاب:"وربما جاء الحديث الواحد بألفاظٍ كثيرةٍ، فربما اقتصرت على رواية بعض الأئمة وذكرت أن ذلك لفظه، وربما نبهت على بعض الألفاظ".
إن كان الحديث في الصحيحين أو في أحدهما لم يذكر له راويًا غيرهما؛ لأن المقصود صحة الأخبار؛ كما قال في مقدمة الكتاب، لكن إذا كان الحديث في الصحيحين أو أحدهما وفي رواية غيرهما زيادة فائدةٍ أو حكم نبَّه على ذلك.
وقد كان الحافظ الضياء يعمل على أطراف الصحيحين، وذكر "أطراف" أبي مسعود الدمشقي في كتابه عدة مرات، وذكر "الجمع بين الصحيحين" للحميدي عدة مرات، وربما استدرك عليهما بعض الألفاظ.
إن كان الحديث في السنن الأربعة فإن الحافظ الضياء -رحمه الله- يستوفي العزو إليها مستخدمًا في ذلك طريقته المعروفة في العزو على أطراف الحديث -وهذه الطريقة تظهر جلية في كتابه "المختارة"؛ لأنه كتاب مسند- فبتتبعي لتخريج أحاديث الكتاب وضح لي جليًّا أن الحافظ الضياء يعمل على طريقة كتب الأطراف، بمعنى أن الحديث قد يكون مرويًا عن الصحابي الواحد من عدة طرق فإذا قال الحافظ الضياء:"رواه فلان وفلان" فهذا يعني: اتحاد الطريق -في الغالب الأعم- وهذه الطريقة طريقة علمية منهجية دقيقة، وظني أن الحافظ الضياء كان يستخدم كتاب "الإشراف على معرفة الأطراف" للحافظ أبي القاسم بن عساكر؛