للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الله - صلى الله عليه وسلم -، فبايعوه على الإسلام، فاستوخموا (١) الأرض (فسَقِمت) (٢) أجسامهم، فشكوا ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: أفلا تخرجون مع راعينا في إبله فتصيبون من أبوالها وألبانها؟ قالوا: بلى. فخرجوا فشربوا من أبوالها وألبانها، فصحُّوا، فقتلوا راعي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأَطْردوا النعم (٣)، فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأرسل في آثارهم، فأُدركوا فجيء بهم، وأمر بهم فقطعت أيديهم وأرجلهم وسمر أعينهم، ثم نبذهم في الشمس حتى ماتوا. قلت: وأي شيء أشد مما صنع هؤلاء؟! ارتدوا عن الإسلام، وسرقوا وقتلوا. فقال عنبسة بن سعيد: واللَّه إن سمعت كاليوم قط. فقلت: أترد عليَّ حديثي يا عنبسة. فقال: لا ولكن جئت بالحديث على وجهه، والله لا يزال هذا الجند بخير ما عاش هذا الشيخ بين أظهرهم. قلت: وقد كان في هذا سنة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل عليه نفر من الأنصار فتحدثوا عنده، فخرج رجل منهم بين أيديهم، فقُتل، فخرجوا بعده فإذا بصاحبهم يتشحط في الدم فرجعوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: يا رسول الله، صاحبنا كان تحدث معنا فخرج بين أيدينا فإذا نحن به يتشحط في الدم. فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: من تظنون -أو تُرون- قتله؟ قالوا: نُرى أن اليهود قتلته. فأرسل إلى اليهود فدعاهم، فقال: آنتم قتلتم هذا؟ قالوا: لا. قال: أترضون نفل (٤) خمسين من اليهود ما قتلوه؟ فقالوا: ما يبالون


(١) أي: استثقلوها، ولم يوافق هواؤها أبدانهم. النهاية (٥/ ١٦٤).
(٢) في "الأصل": فسمت. والمثبت من صحيح البخاري.
(٣) أي: ساقوها أمامهم، والنعم: الإبل. مشارق الأنوار (١/ ٣١٨).
(٤) يقال: نفَّلته فنفل: أي: حلفته فحلف، ونفل وانتفل: إذا حلف، وأصل النَّفْل: النفي، يقال: نفلت الرجل عن نسبه، وانفل عن نفسك إن كنت صادقاً، أي: انف عنك ما قيل فيك، وسُميت اليمين في القسامة نفلاً؛ لأن القصاص ينفى بها. النهاية (٥/ ٩٩ - ١٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>