للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صُنِع له ذلك فلم يقتل مَنْ صنعه، وكان من أهل الكتاب".

٦٣٤٩ - عن عائشة قالت: "سحر النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - رجلٌ من بني زُريق -يقال له: لَبِيد بن الأعصم- حتى كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُخيَّل إليه أنه كان يفعل الشيء وما فعله (١)،


(١) قوله: "حتى كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخيل إليه أنه كان يفعل الشيء وما فعله"، قال المازري: أنكر بعض المبتدعة هذا الحديث، وزعموا أنه يحط منصب النبوة ويشكك فيها، قالوا: وكل ما أدى إلى ذلك فهو باطل، وزعموا أن تجويز ذلك يعدم الثقة بما شرعوه من الشرائع، إذ يحتمل على هذا أن يخيل إليه أن يرى جبريل وليس هو ثم، وأنه يوحى إليه بشيء ولم يوح إليه بشيء، قال المازري: وهذا كله مردود؛ لأن الدليل قد قام على صدق النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يبلغه عن الله تعالى، وعلى عصمته في التبليغ، والمعجزات شاهدات بتصديقه، فتجويز ما قام الدليل على خلافه باطل، وأما ما يتعلق ببعض أمور الدنيا التي لم يبعث لأجلها ولا كانت الرسالة من أجلها فهو في ذلك عرضة لما يعترض البشر كالأمراض؛ فغير بعيد أن يخيل إليه في أمر من أمور الدنيا ما إلا حقيقة له مع عصمته عن مثل ذلك في أمور الدين. قال: وقد قال بعض الناس إن المراد بالحديث أنه كان - صلى الله عليه وسلم - يخيل إليه أنه وطئ زوجاته ولم يكن وطأهن، وهذا كثيرًا ما يقع تخيله للإنسان في المنام فلا يبعد أن يخيل إليه في اليقظة. قلت: وهذا قد ورد صريحًا في رواية ابن عيينة -يعني التالية في الأصل- ولفظه "حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن". قال عياض: فظهر بهذا أن السحر إنما تسلط على جسده وظواهر جوارحه لا على تمييزه ومعتقده. قلت: ووقع في مرسل عبد الرحمن بن كعب عند ابن سعد "فقالت أخت لبيد بن الأعصم: إن يكن نبيًّا فسيُخبر، وإلا فسيذهله هذا السحر حتى يذهب عقله". قلت: فوقع الشق الأول كما في هذا الحديث الصحيح. وقد قال بعض العلماء: لا يلزم من أنه كان يظن أنه فعل الشيء ولم يكن فعله أن يجزم بفعله ذلك، وإنما يكون ذلك من جنس الخاطر يخطر ولا يثبت، فلا يبقى على هذا للملحد حجة. وقال عياض: يحتمل أن يكون المراد بالتخيل المذكور أنه يظهر له من نشاطه ما ألفه من سابق عادته من الاقتدار على الوطء، فإذا دنا من المرأة فتر عن ذلك، كما هو شأن المعقود. ويؤيد جميع ما تقدم أنه لم ينقل عنه في خبر من الأخبار أنه قال قولاً فكان بخلاف ما أخبر به. وقال المهلب: صون النبي - صلى الله عليه وسلم - من الشياطين لا يمنع إراداتهم كيده، فقد مضى في الصحيح أن شيطانًا أراد أن يفسد عليه صلاته فأمكنه الله=

<<  <  ج: ص:  >  >>