قال الطبري: وأولى هذه الأقوال في تأويل قوله (ويتلوه شاهد منه) قول من قال: "هو جبريل"، لدلالة قوله (ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة) على صحة ذلك. وذلك أن نبي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يتل قبل القرآن كتاب موسى، فيكون ذلك دليلا على صحة قول من قال:"عنى به لسان محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أو: محمد نفسه، أو: "علي"، على قول من قال: "عنى به علي" ولا يعلم أن أحدا كان تلا ذلك قبل القرآن أو جاء به.
قوله تعالى (ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده)
قال الشيخ الشنقيطي: صرح تعالى في هذه الآية الكريمة: أن هذا القرآن لا يكفر به أحد كائنا من كان إلا دخل النار. وهو صريح في عموم رسالة نبينا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى جميع الخلق، والآيات الدالة على ذلك كثيرة، كقوله تعالى:(وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ) وقوله: (تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا) ، وقوله:(وما أرسلناك إلا كافة للناس) الآية. وقوله (قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً) الآية.
قال الحاكم: أخبرني محمد بن علي الصنعاني بمكة ثنا علي بن المبارك الصنعاني ثنا زيد بن المبارك الصنعاني عن عبد الرزاق عن معمر عن أبي عَمْرو البصري عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما من أحد يسمع بي من هذه الأمة ولا يهودي ولا نصراني ولا يؤمن بي إلا دخل النار فجعلت أقول أين تصديقها في كتاب الله؟ حتى وجدت هذه الآية (ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده) قال: الأحزاب الملل كلها.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. (المستدرك ٢/٣٤٢- ك التفسير- سورة هود. صححه الذهبي) ، وأخرجه مسلم بدون ذكر الآية بنحوه (الصحيح- الإيمان، ب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد ١/١٣٤ ح ٢٤٠) .