ذليلاً، متصفاً بنقيض ما كان يحاوله من العلو والعظمة، وذلك في قوله (إنك من الصاغرين) والصغار: أشد الذل والهوان، وقوله (اخرج منها مذموماً مدحوراً) ونحو ذلك من الآيات. ويفهم من الآية أن المتكبر لا ينال ما أراد من العظمة والرفعة، وإنما يحصل له نقيض ذلك؛ وصرح تعالى بهذا المعنى في قوله (إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه) . وبين في مواضع أخر كثير من العواقب السيئة التي تنشأ عن الكبر -أعاذنا الله والمسلمين منه- فمن ذلك أنه سبب لصرف صاحبه عن فهم آيات الله، والاهتداء بها كما في قوله تعالى (سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق) الآية. ومن ذلك أنه من أسباب الثواء في النار كما في قوله تعالى (أليس في جهنم مثوى للمتكبرين) وقوله (ذلك بأنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون) ومن ذلك أن صاحبه لا يحبه الله تعالى كما في قوله (لا جرم أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه لا يحب المستكبرين) .
أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي:(فأخرج إنك من الصاغرين) و (الصغار) هو الذل.
قوله تعالى (قال أنظرني إلى يوم يبعثون قال إنك من المنظرين)
قال الشيخ الشنقيطى: قوله تعالى (قال أنظرني إلى يوم يبعثون قال إنك من المنظرين) . لم يبين هنا في سورة الأعراف الغاية التي أنظره إليها، وقد ذكرها في "الحجر" و"ص" مبيناً أن غاية ذلك الإنظار هو يوم الوقت المعلوم. لقوله في سورة "الحجر" و"ص"(إنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم) فقد طلب الشيطان الإنظار إلى يوم البعث، وقد أعطاه الله الإنظار إلى يوم الوقت المعلوم.
وأكثر العلماء يقولون: المراد به وقت النفخة الأولى - والعلم عند الله تعالى.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي: فلم ينظره إلى يوم البعث، ولكن أنظره إلى يوم الوقت المعلوم، وهو يوم ينفخ في الصور النفخة الأولى، فصعق من في السماوات ومن في الأرض، فمات.