أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله:(ثم لآتينهم من بين أيديهم) الآية، أتاهم من بين أيديهم فأخبرهم أنه لا بعث ولا جنة ولا نار (ومن خلفهم) من أمر الدنيا فزينها لهم ودعاهم إليها (وعن أيمانهم) من قبل حسناتهم بطأهم عنها (وعن شمائلهم) زين لهم السيئات والمعاصى، ودعاهم إليها، وأمرهم بها. أتاك يا ابن آدم من كل وجه، غير أنه لم يأتك من فوقك، لم يستطيع أن يحول بينك وبين رحمة الله!.
قوله تعالى (ولا تجد أكثرهم شاكرين)
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (ولا تجد أكثرهم شاكرين) هذا الذي ذكر إبليس أنه سيوقع بني آدم فيه قاله ظناً منه أنهم سيطيعونه فيما يدعوهم إليه حتى يهلكهم. وقد بين تعالى في سورة "سبأ" أن ظنه هذا صدق فيهم بقوله (ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه) الآية. كما تقدمت الإشارة إليه.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله:(ولا تجد أكثرهم شاكرين) يقول: موحدين.
قوله تعالى (قال اخرج منها مذءوماً مدحوراً لمن تَبِعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين)
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (قال اخرج منها مذءوماً مدحوراً لمن تَبِعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين) . بين في هذه الآية الكريمة أنه قال لإبليس: اخرج منها في حال كونك مذءوماً مدحوراً. والمذءوم: المعيب أو الممقوت، والمدحور: المبعد عن الرحمة، المطرود، وأنه أوعده بملء جهنم منه، وممن تبعه.
وأوضح هذا المعنى في آيات أخر كقوله تعالى (قال فالحق والحق أقول لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين) وقوله (قال اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفورا واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورَجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا) وقوله (فكبكبوا فيها هم والغاوون وجنود إبليس أجمعون) إلى غير ذلك من الآيات.