هكذا تمام كلام ابن عباس رضي الله عنهما ولكن كثيراً من العلماء ينقلون عنه الشق الأول فما نسب إلى ابن عباس بأن المراد من قوله تعالى (إلا ما ظهر منها) الوجه والكفان، ليس مطلقاً وإنما هو مقيد في بيتها لمن دخل من الناس عليها. ومما يؤكد هذا تفسيره لقوله تعالى (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً) الأحزاب آية: ٥٩.
فقد أخرج الطبري بسنده الحسن من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب ويبدين عيناً واحدة. ا.هـ.
وانظر سورة الأحزاب آية (٥٨) فقد صح مثله عن عبيدة السلماني. وانظر الرواية التالية لابن عباس وفيها أن الزينة التي تبديها لهؤلاء قرطاها وقلادتها وسواراها، والخلخال والنحر والشعر فلا تبديه إلا لزوجها. ومع الأسف الشديد أن مسألة جواز كشف الوجه واليدين ينسبه العلماء لابن عباس على إطلاقه، فليحرر.
قوله تعالى (وليضربن بخمرهن على جيوبهن)
قال البخاري: حدثنا أبو نعيم، حدثنا إبراهيم بن نافع، عن الحسن بن مسلم، عن صفية بنت شيبة أنّ عائشة رضي الله عنها كانت تقول: لما نزلت هذه الآية (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) أخذن أزرهن فشققنها من قِبل الحواشي فاختمرن بها.
(الصحيح ٨/٣٤٧ ح ٤٧٥٩ -ك التفسير- سورة النور، ب الآية) .
قوله تعالى (ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال)
قال مسلم: حدثنا عبد بن حميد، أخبرنا عبد الرزاق عن معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: كان يدخل على أزواج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مخنّث. فكانوا يعدّونه مِن غير أولي الإربة. قال فدخل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوماً وهو عند بعض نسائه. وهو ينعت امرأة. قال: إذا أقبلتْ أقبلتْ بأربع. وإذا أدبرت أدبرت بثمان. فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "ألا أرى هذا يعرف ما ههنا. لا يدخلَنَّ عليكن"، قالت: فحجبوه.
(صحيح مسلم ٤/١٧١٦ ح ٢٩٨١ - ك السلام، ب منع المخنث من الدخول على النساء الأجانب) .