أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قوله (أولم تأتهم بينة ما في الصحف الأولى) ، قال: التوراة والأنجيل.
وقد بين الله تعالى إن الصحف الأولى هي صحف إبراهيم وموسى عليهما السلام كما في نهاية سورة الأعلى، وقد فصل الله عز وجل بعض ما في صحف إبراهيم وموسى قال تعالى (أم لن ينبأ بما في صحف موسى وإبراهيم الذي وفي ... ) الآيات: ٣٦-٥٤.
قوله تعالى (ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى)
انظر حديث أحمد عن الأسود بن سريع المتقدم عند الآية (١٥) من سورة الإسراء وفيه: "وأما الذي مات في الفترة فيقول: رب ما أتاني لك رسول".
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى) هذه الآية تشير إلى معناها آية القصص التي هي قوله تعالى (ولولا أن تصيبهم مصيبة بما قدمت أيديهم فيقولوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك ونكون من المؤمنين) وأن تلك الحجة التي يحتجون بها لو لم يأتهم نذير هي المذكورة في قوله تعالى (لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل) .
قوله تعالى (قل كل متربص فتربصوا)
قال الشيخ الشنقيطي: أمر الله جل وعلا نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في هذه الآية الكريمة: أن يقول للكفار الدين يقترحون عليه الآيات عنادا وتعنتا: كل منا ومنكم متربص أي منتظر ما يحل بالآخر من الدوائر كالموت والغلبة. وقد أوضح في غير هذا الموضع أن ما ينتظره النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه والمسلمون كله خير؛ لعكس ما ينتظر ويتربص الكفار؛ كقوله تعالى (قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا فتربصوا إنا معكم متربصون) ، وقوله (ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق مغرما ويتربص بكم الدوائر عليهم دائرة السوء) الآية، إلى غير ذلك من الآيات. والتربص: الانتظار.