الخندق، فإذا المهاجرون والأنصار يحفرون في غداة باردة، فلم يكن لهم عبيد يعملون ذلك لهم، فلمّا رأى ما بهم من النصب والجوع قال:"اللهم إن العيش عيش الآخرة، فاغفر اللهم للأنصار والمهاجره". فقالوا مجيبين له:
نحن الذين بايعوا محمداً ... على الجهاد ما بقينا أبداً
(الصحيح ٦/٥٤ ح ٢٨٣٤ - ك الجهاد والسير، ب التحريض على القتال وقول الله عز وجل الآية) .
قال مسلم: حدثنا أبو بكر بن النضر بن أبي النضر وهارون بن عبد الله ومحمد ابن رافع وعبد بن حميد -وألفاظهم متقاربة- قالوا: حدثنا هاشم بن القاسم: حدثنا سليمان -وهو ابن المغيرة- عن ثابت، عن أنس بن مالك.
قال: بعث رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بُسَيْسَةَ عينا ينظر ما صنعت عير أبي سفيان. فجاء وما في البيت أحد غيري وغير رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (قال: لا أدري ما استثنى بعض نسائه) قال: فحدثه الحديث. قال: فخرج رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فتكلم. فقال:"إن لنا طَلِبَةً، فمن كان ظهره حاضرا فليركب معنا" فجعل رجال يستأذنونه في ظهرانهم في علو المدينة. فقال:"لا، إلا من كان ظهره حاضراً".
فانطلق رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه. حتى سبقوا المشركين إلى بدر. وجاء المشركون، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لا يُقدّمن أحد منكم إلى شيء حتى أكون أنا دونه" فدنا المشركون. فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض" قال: يقول عُمير بن الحمام الأنصاري: يارسول الله! جنة عرضها السموات والأرض؟ قال:"نعم" قال: بخ بخ. فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "ما يحملك على قولك بخ بخ" قال: لا. والله! يارسول الله! إلا رجاءة أن أكون من أهلها. قال:"فإنك من أهلها" فأخرج تمرات من قرنه. فجعل يأكل منهن، ثم قال: لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه، إنها لحياة طويلة. قال: فرمى بما كان معه من التمر. ثم قاتلهم حتى قتل.