للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأول: أن معنى الآية الكريمة: لو كان مع الله آلهة أخرى كما يزعم الكفار لابتغوا -أي الآلهة المزعومة- أي لطلبوا إلى ذي العرش -أي إلى الله سبيلا- أي إلى مغالبته وإزالة ملكه لأنهم إذا يكونون شركاءه كما يفعل الملوك بعضهم مع بعض سبحان الله وتعالى عن ذلك علوا كبيرا وهذا القول في معنى الآية هو الظاهر عندي وهو المتبادر من معنى الآية الكريمة ومن الآيات الشاهدة لهذا المعنى قوله تعالى: (ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون عالم الغيب والشهادة فتعالى عما يشركون) وقوله (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون) وهذا المعنى في الآية مروى عن ابن عباس وسعيد بن جبير وأبي علي الفارسي والنقاش وأبي المنصور وغيره من المتكلمين.

الوجه الثاني: في معنى الآية الكريمة: أن معنى لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا أي طريقا ووسيلة تقربهم إليه لاعترافهم بفضله ويدل لهذا المعنى قوله تعالى (أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه) الآية، ويروى هذا القول عن قتادة، واقتصر عليه ابن كثير في تفسيره، ولاشك أن المعنى الظاهر المتبادر من الآية بحسب اللغة العربية هو القول الأول، لأن في الآية فرض والمحال المفروض الذي هو وجود آلهة مع الله مشاركة له لا يظهر معه أنها تتقرب إليه بل تنازعه لو كانت موجودة ولكنها معدومة مستحيلة الوجود. ا. هـ.

أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة في قوله تعالى (إذاً لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا) قال: لا بتغوا التقرب إليه مع أنه ليس كما يقولون.

وأخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، قوله (قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا) يقول: لو كان معه آلهة إذن لعرفوا فضله ومرتبته ومنزلته عليهم، فابتغوا ما يقربهم إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>