يقول: إن أولئك هم المفلحون، كقوله لنبيه (عسى أن يبعثك ربك مقاما محموداً) سورة الاسراء: ٧٩. يقول: إن ربك سيبعثك مقاما محموداً، وهي الشفاعة، وكل (عسى) في القرآن فهي واجبة.
قوله تعالى (أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله والله لا يهدى القوم الظالمين)
قال مسلم: حدثني حسن بن علي الحلواني، حدثنا أبو توبة، حدثنا معاوية بن سلاّم، عن زيد بن سلام، أنه سمع أبا سلام قال: حدثني النعمان بن بشير قال: كنتُ عند منبر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال رجل: ما أبالي ألا أعمل عملا بعد الإسلام إلا أن أسقى الحاج. وقال آخر: ما أبالي ألا أعمل عملاً بعد الإسلام إلا أن أعمر المسجد الحرام. وقال آخر: الجهاد في سبيل الله أفضل مما قلتم. فزجرهم عمر وقال: لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وهو يوم الجمعة.
ولكن إذا صليتُ الجمعة دخلتُ فاستفتيته فيما اختلفتم فيه. فأنزل الله عز وجل (أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر) الآية إلى أخرها.
(الصحيح ١٣/١٤٩٩ ح ١٨٧٩ - ك الإمارة، ب فضل الشهادة في سبيل الله تعالى) .
قال البخاري: حدثنا إسحاق، حدثنا خالد، عن خالد الحذّاء، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما:"أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جاء إلى السقاية فاستسقى، فقال العباس: يا فضل، اذهب إلى أمك فأت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بشراب من عندها. فقال: اسقني. قال: يا رسول الله إنهم يجعلون أيديهم فيه. قال: اسقنِي.
فشرب منه. ثم أتى زمزم وهم يَسقون ويعملون فيها فقال: اعملوا فإنكم على عمل صالح. ثم قال: لولا أن تغلبوا لنزلت حتى أضع الحبل علي هذه. يعني عاتقه. وأشار إلى عاتقه".