قوله تعالى (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ)
قال البخاري: حدثنا يحيى بن بكير: حدثنا الليث، عن عُقيل، عن ابن شهاب، وحدثني سعيد بن مروان: حدثنا عبد بن عبد العزيز بن أبي رِزمة: أخبرنا أبو صالح سلمويه قال حدثني عبد الله عن يونس بن يزيد قال: أخبرني ابنُ شهاب أن عروة بن الزبير أخبره أن عائشة زوج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قالت: "كان أول ما بُدئ به رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الرؤيا الصادقة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حُبّب إليه الخلاء فكان يلحق بغار حراء فيتحنث فيه. قال: والتحنث: التعبد الليالي ذوات العدد، قبل أن يرجع إلى أهله، ويتزود لذلك، ثم يرجع إلى خديجة، فيتزود بمثلها، حتى فجئه الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملك فقال: اقرأ. فقال رسولُ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ما أنا بقارئ. قال: فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ. قلت: ما أنا بقارئ فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال. اقرأ. قلت ما أنا بقارئ.
فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال (اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علّم بالقلم) الآيات إلى قوله (علم الإنسان ما لم يعلم) . فرجع بها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ترجُف بوادره، حتى دخل على خديجة فقال: زمّلوني زمّلوني. فزملوه حتى ذهب عنه الروع.
قال لخديجة. أي خديجة، مالي لقد خشيت على نفسي؟ فأخبرها الخبر. قالت خديجة: كلا أبشر، فوالله لا يُخزيك الله أبداً، فوالله إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكلّ، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق. فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل، وهو ابن عم خديجة