قال ابن كثير: يذكر تعالى أنه هو الذي أضل المشركين، وأن ذلك بمشيئته وكونه وقدرته، وهو الحكيم في أفعاله، بما قيض لهم من القرناء من شياطين الإنس والجن (فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم) أي: حسنوا لهم أعمالهم في الماضي، وبالنسبة إلى المستقبل فلم يروا أنفسهم إلا محسنين، كما قال تعالى (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (٣٦) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ) .
قوله تعالى (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآَنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد، قوله (والغوا فيه) قال: بالمكاء والتصفير والتخليط في المنطق على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا قرأ القرآن، قريش تفعله.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، قوله (وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه) : أي اجحدوا به وأنكروه وعادوه، قال: هذا قول مشركي العرب.
قوله تعالى (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) هو الشيطان، وابن آدم الذي قتل أخاه.
انظر سورة المائدة آية (٢٧-٢٩) حديث البخاري عن عبد الله بن مسعود.
قال مسلم: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وأبو كريب. قالا: حدثنا ابن نمير ح وحدثنا قتيبة بن سعيد وإسحاق بن إبراهيم، جميعا عن جرير. ح وحدثنا أبو كريب. حدثنا أبو أسامة، كلهم عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن سفيان بن عبد الله الثقفي، قال: قلت: يا رسول الله! قل لي في الإسلام قولاً، لا أسأل عنه أحداً بعدك (وفي حديث أبي أسامة: غيرك) قال: "قل آمنت بالله فاستقم".
(الصحيح ١/٦٥ ح٣٨ - ك الإيمان، ب جامع أوصاف الإسلام) .