قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع قليل ولهم عذاب أليم) . ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن الذين يفترون عليه الكذب -أي يختلقونه عليه- كدعواهم أنه حرم هذا وهو لم يحرمه. ودعواهم له الشركاء والأولاد - لا يفلحون؛ لأنهم في الدنيا لا ينالون إلا متاعا قليلاً لا أهمية له، وفي الآخرة يعذبون العذاب العظيم، الشديد المؤلم.
وأوضح هذا المعنى في مواضع أخر، كقوله في يونس:(قل إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون. متاع في الدنيا ثم إلينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون) ، وقوله:(نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ) ، وقوله:(قال ومن كفر فأمتعه قليلاً ثم اضطره إلى عذاب النار وبئس المصير) ، إلى غير ذلك من الآيات.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، قوله (وعلى الذين هادوا حرمنا ما قصصنا عليك من قبل) قال: ما قص الله تعالى في سورة الأنعام حيث يقول: (وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر) الآية.
وانظر سورة الأنعام آية (١٤٦) وتفسيرها، لبيان ما حرم الله تعالى على اليهود.
قال الشيخ الشنقيطي: وجملة المحرمات عليهم في هذه الآية الكريمة ظاهرة، وهو كل ذي ظفر: كالنعامة والبعير، والشحم الخالص من البقر والغنم (وهو الثروب) وشحم الكلى. أما الشحم الذي على الظهر، والذي في الحوايا وهي الأمعاء، والمختلط بعظم كلحم الذنب وغيره من الشحوم المختلطة بالعظام فهو حلال لهم؛ كما هو واضح من الآية الكريمة.