الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
[[أهمية علم التفسير بالمأثور]]
أما بعد: فإن علم التفسير من أجلِّ العلوم وأفضلها وأشرفها باعتبار أساسه وتاريخه وموضوعه وغايته، فأساسه: القرآن الكريم والحديث الشريف، وتاريخه: أول العلوم الإسلامية. وموضوعه: كلام الله تعالى. وغايته: معرفة معانيه وإدراك مراميه. وسنام هذه المعرفة: التفسير بالمأثور لأهميته الكبرى في فهم القرآن العظيم، لأنه تفسير من رب العالمين، أو من رسوله الأمين، أو تفسير صحابي شهد التنزيل وعرف التأويل، (١) أو تفسير تابعي نهل من مدرسة النبوة عن الصحابة المفسرين النابغين.
فلابد من التفسير بالمأثور لمن أراد أن يستجيب لله تعالى فيتدبر كلام الله، وكذا لمن أراد أن يفسر بالرأي يتحتم عليه أن يطلع على معرفة: أسباب النزول، والناسخ والمنسوخ، والمكي والمدني، والغريب، والمشكل، والوقف والابتداء، والقراءات وأوجهها، والقراءات الشاذة التفسيرية، والأحاديث المبينة للمجمل والمبهم، والأحاديث المخصصة للعام، والمقيدة للمطلق ... وهذه العلوم لا تؤخذ إلا بالنقل الصحيح ولا تنفك عن التفسير بالمأثور بل هي نابعة منه
ولما أوجب الله عز وجل علينا أن نعمل بهذا القرآن بالاستجابة لأوامره والازدجار عن نواهيه والاعتبار بقصص الأمم السالفة ... فقد كان لزاماً أن نتدبر معاني هذا القرآن وأن ندرك مراميه لنعمل به ونتحرى ما ثبت في تفسيره لنستقيم على نهجه.
(١) المراد بالتأويل: التفسير. وما ذكر اقتباس من الحديث الثابت في دعاء الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لابن عباس رضي الله عنهما: "اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل". رواه أحمد في المسند ١/٣٢٨.