موضع آخر أن من جملة هذا البلاء: الخوف والجوع وأن البلاء في الأنفس والأموال هو النقص فيها، وأوضح فيه نتيجة الصبر المشار إليها هنا بقوله (فإن ذلك من عزم الأمور) وذلك الموضع هو قوله تعالى: (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين. الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون. أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون) .
قال البخاري: حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري قال أخبرني عروة ابن الزبير أن أسامة بن زيد رضي الله عنها أخبره: أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ركب على حمار على قطيفة فَدَ كية، وأردف أسامة بن زيد وراءه، يعود سعد بن عبادة في بني الحارث بن الخزرج قبل وقعة بدر، قال: حتى مرّ بمجلس فيه عبد الله بن أبيّ ابن سلول، وذلك قبل أن يُسلم عبد الله بن أبي، فإذا في المجلس أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان واليهود والمسلمين، وفي المجلس عبد الله بن رواحة، فلما غشَيتِ المجلس عجاجة الدابة حمّر عبد الله بن أبيّ أنفه بردائه ثم قال: "لا تُغبِّروا علينا فسلّم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عليهم ثم وقف فنزل، فدعاهم إلى الله وقرأ عليهم القرآن، فقال عبد الله بن أبيّ ابن سلول: أيها المرء، إنه لا أحسن مما تقول إن كان حقاً فلا تؤذينا به في مجلسنا، ارجع إلى رحلك فمن جاءك فاقصص عليه. فقال عبد الله بن رواحة: بلى يا رسول الله، فاغشنا به في مجالسنا، فإنا نحب ذلك. فاتسبِّ المسلمون والمشركون واليهودُ حتى كادوا يتشاورون، فلم ينزل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُخفضهم حتى سكنوا. ثم ركب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دابته فسار حتى دخل على سعد بن عبادة، فقال له النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: يا سعد أسلم تسمع ما قال أبو حُباب -يريد عبد الله بن أبي- قال كذا وكذا. قال سعد بن عُبادة: يا رسول الله أعف عنه واصفح عنه، فوالذي أنزل عليك الكتاب، لقد جاء الله بالحق الذي أنزل عليك ولقد اصطلح أهل هذه البُحيرة على أن يتوّجوه