قال ابن كثير: يقول تعالى مخبرا عن جهل المشركين في استعجالهم عذاب الله أن يقع بهم، وبأس الله أن يحل عليهم، كما قال تعالى (وإذ قالوا اللهم إن كان هذا الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم) وقال ها هنا (ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجل مسمى لجاءهم العذاب) أي: لولا ما حتم الله من تأخير العذاب إلى يوم القيامة لجاءهم العذاب قريبا سريعا كما استعجلوه ... (يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم) كقوله تعالى (لهم من جهنم مهاد ومن فوقها غواش) وقال (لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل) وقال (لو يعلم الذين كفروا حين لا يكفون عن وجوههم النار لا عن ظهورهم) فالنار تغشاهم من سائر جهاتهم، وهذا أبلغ في العذاب الحسي.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم) : أي في النار.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد، في قول الله (إن أرضي واسعة) ، فهاجروا وجاهدوا.
قوله تعالى (وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ... ) قال أحمد: ثنا عبد الرزاق، أنا معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن ابن معانق -أو أبي معانق- عن أبي مالك الأشعري قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إن في الجنة غرفة يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها، أعدها الله لمن أطعم الطعام وألان الكلام وتابع الصيام وصلّى والناس نيام".