قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (إن فضله كان عليك كبيراً) بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن فضله على نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كبير، وأوضح هذا المعنى في مواضع أخر كقوله (وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما) وقوله (إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما وينصرك الله نصرا عزيزا) وقوله (ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك الذي أنقض ظهرك ورفعنا لك ذكرك) .
قوله تعالى (قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا)
أخرج الطبري بسنده الحسن من طريق ابن إسحاق بسنده عن ابن عباس قال: أتى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - محمود بن سيحان، وعمر بن أضا، وبحرى بن عمرو، وعزيز بن أبي عزيز، وسلام بن مشكم، فقالوا: أخبرنا يا محمد بهذا الذي جئتنا به حق من عند الله عز وجل، فإنا لانراه متناسقا كما تناسق التوراة، فقال لهم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أما والله إنكم لتعرفون أنه من عند الله تجدونه مكتوبا عندكم ولو اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثله ما جاءوا به". فقال عند ذلك وهم جميعاً فنحاص، وعبد الله بن صوريا، وكنانة بن أبي الحقيق، وأشيع، وكعب ابن أسد، وسموءل بن زيد، وجبل بن عمرو: يا محمد ما يعلمك هذا إنس ولا جان؟ فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أما والله إنكم لتعلمون أنه من عند الله تجدونه مكتوبا عندكم في التوراة والإنجيل"، فقالوا: يا محمد إن الله يصنع لرسوله إذا بعثه ما شاء ويقدر منه على ما أراد فأنزل علينا كتابا نقرؤه ونعرفه وإلا جئناك بمثل ما تأتي به، فأنزل الله عز وجل فيهم وفيما قالوا (قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لايأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا) .