أخرج أحمد عن علي بن إسحاق قائلا: ثنا عبد الله أخبرني ابن لهيعة قال: حدثني يزيد أن أبي الخير حدثه أنه سمع عقبة بن عامر يحدث عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال:"ليس من عمل يوم إلا هو يختم عليه فإذا مرض المؤمن قالت الملائكة: يا ربنا عبدك فلان قد حبسته فيقول الرب عز وجل: اختموا له على مثل عمله حتى يبرأ أو يموت".
(المسند ٤/٦٤١) . قال ابن كثير إسناد جيد قوي ولم يخرجوه، وهو كما قال لأن عبد الله هو ابن المبارك معروف بالرواية عن ابن لهيعة، وبرواية علي بن إسحاق المروزي عنه، وعبد الله بن المبارك من العبادلة الأربعة الذين رووا عن ابن لهيعة في احتراق كتبه، وقد أمنا تدليس ابن لهيعة لأنه صرح بالتحديث.
القول الثاني: المراد بالطائر العمل.
أخرج الطبري وآدم بن أبي إياس بالإسناد الصحيح عن مجاهد:(طائره) عمله.
وأخرجه عبد الرزاق بسنده الصحيح عن معمر عن قتادة، وعن معمر عن الحسن بلفظ: عمله شقاوة أو سعادة.
وجمع الشيخ الشنقيطي بين القولين فقال: والقولان متلازمان لأن ما يطير له من العمل هو سبب ما يئول إليه من الشقاوة والسعادة.
قوله تعالى (ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا)
قال الشيخ الشنقيطي: ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن ذلك العمل الذي ألزم الإنسان إياه يخرجه له يوم القيامة مكتوبا في كتاب يلقاه منشورا أي مفتوحا يقرؤه هو وغيره، وبين أشياء من صفات هذا الكتاب الذي يلقاه منشورا في آيات أخر، فبين أن من صفاته: أن المجرمين مشفقون أي خائفون مما فيه، وأنه لايترك صغيرة أو كبيرة إلا أحصاها، وأنهم يجدون فيه جميع ماعملوا حاضرا ليس منه شيء غائبا، وأن الله جل وعلا لايظلمهم في الجزاء عليه شيئاً وذلك في قوله جل وعلا: (ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون ياويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجد ما عملوا