قوله تعالى (ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون، قال اخسئوا فيها ولا تكلمون)
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون، قال اخسئوا فيها ولا تكلمون) ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن أهل النار يدعون ربهم فيها فيقولون: ربنا أخرجنا منها فإن عدنا إلى ما لا يرضيك بعد إخراجنا منها فإنا ظالمون وأن الله يجيبهم بقوله (اخسئوا فيها ولا تكلمون) أي امكثوا فيها خاسئين: أي أذلاء صاغرين حقيرين، لأن لفظة اخسأ إنما تقال للحقير الذليل، كالكلب ونحوه. فقوله (اخسئوا) أي ذلوا فيها ماكثين في الصغار والهوان.
وهذا الخروج من النار الذي طلبوه قد بين تعالى أنهم لا ينالوه كقوله تعالى (يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم) وقوله تعالى (كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار) وقوله تعالى (كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها) الآية.
وانظر الآية رقم (٩٩، ١٠٠) من هذه السورة.
قوله تعالى (إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين فاتخذتموهم سخرياً حتى أنسوكم ذكري وكنتم منهم تضحكون)
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين، فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكري وكنتم منهم تضحكون) . قد تقرر في الأصول في مسلك الإيماء والتنبيه، أن إن المكسورة المشددة من حروف التعليل كقولك: عاقبة إنه مسيء: أي لأجل إساءته. وقوله في هذه الآية (إنه كان فريق من عبادي) الآيتين. يدل فيه لفظ إن المكسورة المشددة، على أن من الأسباب التي أدخلتهم النار هو استهزاؤهم،